بغداد ـ «القدس العربي»: في الوقت الذي كشف فيه رئيس البرلمان العراقي، محمود المشهداني، عن ضغط أمريكي أسهم في وقف هجمات إسرائيلية كانت مقررة لاستهداف العراق، لافتاً إلى طلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، بشأن ضرورة ضبط السلاح بيد السلطات العراقية حصراً، حذّر وزير سابق من خطورة وصول الأسلحة الكيميائية ليد تنظيم «الدولة الإسلامية» معتبراً ذلك تهديداً للأمن القومي للعراق والمنطقة.
المشهداني تحدث في تصريحات تلفزيونية عن الملف السوري قائلاً: «نحذر من حكومة محاصصة بسوريا على غرار العراق، وعانينا من النظام السوري السابق».
وأضاف: «أننا حذرنا سوريا من مغبة عدم احترام حقوق الأقليات، ونحن اتفقنا مع سوريا على منع تمدد الجماعات المسلحة» مجدداً التأكيد أن العراق «لن يتدخل بالشأن السوري، ولكن سيناريو التقسيم في سوريا مرفوض».
ورأى أن «ما يحدث في سوريا يؤثر على العراق» مشيراً إلى أن «زيارة الوفد الأمني العراقي لدمشق كانت إيجابية.
وأوضح أن «إيران ممتعضة مما حدث بسوريا ولديها العديد من المخاوف» مبيناً أن «تردي الأمن في سوريا ستكون له تداعيات سلبية على المنطقة». ووفق رئيس البرلمان العراقي فإن «الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب أكد للسوداني ضرورة حصر السلاح بيد الدولة» لافتاً إلى أن «الفصائل وافقت على وقف الهجمات على إسرائيل».
وأكمل: «سنكون على الحياد إذا اندلع صراع أمريكي ـ إيراني».
وفيما كشف عن «ضغط أمريكي» أوقف «نوايا إسرائيل بشن هجمات على العراق» اعتبر أن «تهديدات إسرائيل بتنفيذ ضربات على العراق ما زالت مقلقة».
فيما أكدت وزارة الخارجية العراقية، موقف العراق الداعم لوحدة سوريا واحترام سيادتها، وشددت على ضرورة الحلِّ السياسيِّ للأزمة السوريَّة المبنيِّ على احترام إرادة الشعب.
وقال وكيل الوزارة هشام العلوي، للصحيفة الرسمية، إن «الحكومة العراقيَّة بدأتْ استعداداتها لاستضافة القمَّة العربيَّة المقبلة في بغداد، ويجري التنسيق مع الجامعة العربية لضمان نجاح القمة، إذ يأمل العراق أنْ تكون منصَّةً لتعزيز التعاون العربيِّ ومناقشة القضايا الإقليميَّة المهمَّة».
وأضاف أن «العراق يراقب تطوّرات الأوضاع (السورية) عن كثبٍ، ويؤكّد موقفه الثابت في دعم وحدة سوريا واحترام سيادتها، كما يُشدِّد على ضرورة الحلِّ السياسيِّ للأزمة السوريَّة المبنيِّ على احترام إرادة الشعب السوريِّ بعيداً عن التدخّلات الخارجيَّة، وتطبيق الفقرات الواردة في البيان الختاميِّ لقمَّة العقبة في الأردن».
وبشأن استئناف عمل السفارة العراقيَّة في دمشق، أفاد العلوي أنَّ «السفارة العراقيَّة لم تغلقْ أبوابها، وهناك عددٌ من الموظفين يتابعون العمل، لكنْ تمَّ إخلاء أغلب الملاك إلى بيروت بشكلٍ مؤقّتٍ نتيجة الظروف الأمنيَّة الصعبة التي شهدتْها سوريا بعد تغيير النظام، وذلك حفاظاً على سلامة موظفينا».
وتابع بالقول: «لدينا جالية عراقيَّة كبيرةً في سوريا، ونسعى إلى تقديم الخدمات القنصليَّة ورعاية شؤون مواطنينا».
وزير سابق يحذّر من وصول أسلحة الأسد الكيميائية لتنظيم «الدولة»
وبيَّن وكيل وزارة الخارجيَّة أبرز خطوط التواصل بين العراق والحكومة المؤقتة الجديدة في سوريا، لافتاً إلى زيارة رئيس جهاز المخابرات حميد الشطري إلى دمشق، ولقاءه ممثلي الإدارة السياسيَّة الجديدة هناك، مؤكّداً أنَّ «هناك بعض القضايا المهمَّة بحاجةٍ إلى العمل المشترك والتنسيق بين البلدين، ومنها ضبط الحدود، والنزلاء في معسكر (الهول) ونشاطات الجماعات الإرهابيَّة التي استغلّت الوضع الحاليّ في سوريا».
ويكثّف المسؤولون في العراق جهودهم بهدف الحفاظ على الاستقرار الداخلي، وبناء علاقات متوازنة مع دول الجوار في الوقت عينه.
عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، محمد الشمري، يقول إن «الحكومة العراقية تبذل جهودًا كبيرة لتعزيز مفهوم الأمن والاستقرار في المنطقة، خاصة في ظل الظروف الراهنة التي تشهدها بعض دول الجوار».
وأشار في تصريحات لمواقع إخبارية محلية إلى أن «الوضع في سوريا ما زال يشكل مصدر قلق كبير، وهو أمر غير مريح للعراق، الذي يسعى لتجنب أي تهديدات قد تعرض أمنه أو استقراره للخطر».
وأضاف أن «زيارة الوفد الحكومي العراقي إلى دمشق جاءت في إطار دعم وتعزيز التفاهمات الأمنية بين البلدين، والوقوف على توجهات الحكومة السورية الجديدة في ظل التغيرات الإقليمية والدولية».
وأوضح أن «العراق ينظر إلى التعاون الأمني مع سوريا كجزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى محاربة الإرهاب ومنع تمدده، فضلاعن ضبط الحدود المشتركة التي تعد ملفًا حساسًا ومهمًا للطرفين». واعتبر الشمري أن «الأمن والاستقرار الإقليميين هما الأساس لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العراق والمنطقة، وهذا ما تسعى إليه الحكومة العراقية في جميع تحركاتها وقراراتها».
في مقابل ذلك، أطلق الوزير العراقي السابق، زعيم تحالف «مستقبل العراق» باقر الزبيدي، تحذيرات من خطورة وصول تنظيم «الدولة الإسلامية» إلى السلاح الكيميائي لنظام الأسد المخلوع.
وأفاد في بيان صحافي «لطالما حذرنا من خطر وصول الأسلحة المتقدمة ـ وخصوصا النووية والكيميائية ـ إلى يد الجماعات الإرهابية، ومع الأحداث في سوريا تعود هذه المخاوف من جديد خصوصا مع وجود فصائل وميليشيات متعددة الأفكار والولاءات في سوريا».
ووفقا لمجلة «فورين بوليسي» فإن سوريا تمتلك أحد أكبر مخزونات الأسلحة الكيماوية في العالم وخصوصا الكلور والسارين وغاز الخردل، حسب الزبيدي الذي أوضح أن «الكثير من مخازن هذه الأسلحة مدفونة تحت الأرض، وهي تشكل خطرا بيئيا في المقام الأول خصوصا مع تدهور أساليب حفظها».
ومع «استمرار الغارات الجوية من قبل الكيان الغاصب» يرى الزبيدي أن «خطر احتمال استهداف أحد مخازن هذه الأسلحة يزداد كل يوم» معتبراً إن «الخطر الأكبر هو وصول هذه المواد إلى الجماعات الإرهابية- وتحديدا تنظيم داعش، الذي عاد للنشاط بشكل ملحوظ وبدعم مخابراتي يحمل اجندة تدميرية للمنطقة».
وبيّن أن «تنظيم داعش كانت له محاولات للحصول على اسلحة كيماوية بالتعاون مع البعث حين جند عددا من ضباط النظام الصدامي وكلفهم بصناعة اسلحة كيماوية» منوهاً أن «في 2014 عقد زعيم داعش آنذاك أبو بكر البغدادي اجتماعا سريا مع خبير أسلحة كيماوية يدعى صالح سبعاوي، والذي كان ضابطا بعثيا في مخابرات صدام ولديه خبرات في مجال صناعة الأسلحة الكيميائية».
وأكد أن «ملف الأسلحة الكيميائية السوري هو ملف امن قومي للعراق ولدول المنطقة، ولا بد من تنسيق عالي المستوى مع دول الجوار والعالم من أجل إنهاء خطر هذا الملف».
يتزامن ذلك مع إحكام القوات العراقية قبضتها على الحدود المشتركة مع سوريا، خوفاً من تدفق «الإرهابيين» صوب الأراضي العراقية، على خلفية التطورات السورية.
وشدد رئيس أركان «الحشد الشعبي» عبد العزيز المحمداوي، على ضرورة إدامة الجهد الأمني وتحصين الحدود العراقية.
وكان قد حث خلال زيارته مقر اللواء 17 ضمن قيادة عمليات الأنبار «للحشد» وعقد اجتماعاً هناك حضره الأمين العام وأمين السر بـ«الهيئة» ومعاونيه لشؤون العمليات والاستخبارات في «الحشد» على «تعزيز الجهد الأمني والاستعداد العسكري والتنسيق العالي مع مختلف صنوف القوات الأمنية».
وأكد أهمية «تعزيز مستوى التعاون لإدامة زخم الاستقرار في الأنبار والمناطق الحدودية» مشيدا بـ«الجهود الأمنية المستنفرة منذ بدء الاحداث والتطورات الأخيرة في سوريا من أجل تعزيز أمن الحدود العراقية السورية تنفيذا لتوجيهات القائد العام للقوات المسلحة».
ولفت إلى ضرورة «تكثيف الجهد الفني الاستخباري وتسيير الدوريات وإدامة التحصينات لقطع الطريق أمام أي محاولات تسلل أو أنشطة إرهابية قد تهدد أمن واستقرار البلاد».