الوثيقة | مشاهدة الموضوع - صحيفة عبرية: الإدارة الأمريكية والدول العربية في مرحلة ليّ الأذرع.. “ريفييرا ترامب” أم “القاهرة”؟
تغيير حجم الخط     

صحيفة عبرية: الإدارة الأمريكية والدول العربية في مرحلة ليّ الأذرع.. “ريفييرا ترامب” أم “القاهرة”؟

مشاركة » الجمعة فبراير 14, 2025 11:19 pm

9.jpg
 
خطة مصر لحل قضية غزة (الورقة المصرية)، التي تطرق إليها الملك عبد الله في لقائه مع الرئيس ترامب، قد تشكل السور السياسي المحصن في مواجهة فكرة ترامب بالترانسفير الجماعي. تفاصيلها لم تنشر بعد، لكن حسب مصادر عربية، فالحديث يدور عن اقتراح تم تنسيقه مع الأردن وقطر والإمارات والسعودية. خطة صاغ مبادئها لجنة خبراء عسكريين من مصر، وفي مركزها رفض فكرة تهجير وإعادة توطين مليوني غزي خارج القطاع.

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، عرض مسودة الخطة على نظيره الأمريكي ماركو روبيو. الافتراض الذي استندت إليه الخطة هو أن التهجير غير وارد في الحسبان، في أي ظرف وأي حالة، باستثناء الحالات الإنسانية مثل بادرة حسن النية التي عرضها ملك الأردن، باستضافة حوالي 2000 طفل مريض يحتاجون للعلاج.

الحديث لا يدور عن عرض استثنائي، لأن مصر في السابق استوعبت 5500 مريض ومصاب من غزة، وهكذا الإمارات أيضاً. والخطة تشمل أيضاً خطوطاً عريضة مفصلة جداً لإدارة إعادة إعمار القطاع على مراحل تستمر 5 – 10 سنوات بتمويل عربي، أي بتمويل من دول الخليج، بتنفيذ شركات مصرية وأمريكية. الخطة، التي هدفت إلى الرد على التحدي الذي وضعه ترامب أمام الدول العربية والذي بحسبه “إذا رفضتم الخطة، فعليكم طرح أفكاركم” – حتى الآن تتمسك الخطة بالأفكار التي طرحتها مصر في أيار الماضي، وبعد ذلك في تشرين الثاني وكانون الأول. بحسبها، ستشكل إدارة فلسطينية في القطاع تتحمل المسؤولية عن إدارة وتنسيق نشاطات الأجهزة المدنية الحيوية، وضمن ذلك شبكة المياه وجهاز الصحة، وتكون مسؤولة عن معبر رفح (الذي تم الاتفاق على طبيعة تشغيله في اتفاق وقف إطلاق النار).

لن يكون أي ممثلين عن حماس أو أي فصائل فلسطينية أخرى في الإدارة الفلسطينية. ولم يتم الاتفاق على التفاصيل بشأن طريقة خضوع هذه الإدارة للسلطة الفلسطينية. لأن محمود عباس، الذي بلور قبل شهر تقريباً طريقة عمل لإدارة غزة، يصمم على أن تكون السلطة الفلسطينية هي مصدر الصلاحية الحصرية لعمل كل الأجهزة الفلسطينية التي ستشكل في القطاع. الأربعاء، نشر أيضاً بأن مصر تنوي إقامة مناطق آمنة في القطاع للسكن، وفي هذه الأثناء ستبدأ مرحلة إعادة الإعمار التي سيتم في إطارها إدخال آلاف الكرفانات والخيام إلى القطاع.

ليس نقص الأفكار لإدارة القطاع هو الذي يعيق تطبيق خطة العمل، التي ستجيب على شروط المرحلة الثالثة في اتفاق وقف إطلاق النار وتحرير المخطوفين – المرحلة التي سيتم فيها إطلاق سراح جميع المخطوفين الأحياء وإعادة الجثامين والبدء في إعادة إعمار القطاع. الحاجة الملحة هي إنقاذ المرحلة الأولى من الطريق المسدود والخطير الذي وصلت إليه، في البداية بسبب رفض إسرائيل البدء في إجراء المفاوضات حول المرحلة الثانية كما نص الاتفاق، وبعد ذلك بسبب برميل المواد المتفجرة الذي ألقاه ترامب على شكل فكرة تهجير سكان القطاع وتوطينهم في دول عربية، والتهديد باستئناف الحرب في غزة ما لم يتم استكمال المرحلة الأولى. في هذه الأثناء، يبدو أن النبضة القريبة القادمة لتحرير المخطوفين ستُنفذ، لكن ليس في ذلك ما يضمن استكمال نبضات المرحلة الأولى كلها.

إلى جانب قضية تطبيق اتفاق إعادة المخطوفين، ثمة فجوة كبيرة تفصل بين إسرائيل والولايات المتحدة والدول العربية تتعلق بالرؤية الأساسية بخصوص الحل المطلوب. ففي حين أن إسرائيل والولايات المتحدة تعتبر غزة مشكلة عسكرية تكتيكية ستختفي عند تدمير حماس (أو بواسطة طرد مليوني غزي من القطاع وإقامة ريفييرا وملاعب غولف)، فإن الدول العربية تعتقد أن تصفية حماس أمنية بعيدة جداً. في هذه الأثناء، تتطور مشكلة بحجم استراتيجي في غزة.

“القنبلة التي ألقاها ترامب تضع مصر والأردن في ضائقة حقيقية، وليست وحدها”، قال شخص أردني في معهد أبحاث وهو مقرب من البلاط الملكي. حسب قوله، لا تتعلق المشكلة فقط بالتهديد بالمس بالمساعدات التي تحصل عليها الدولتان من الولايات المتحدة. “المواجهة مع الولايات المتحدة قد تهز النظام الاستراتيجي الذي تم بناؤه خلال سنوات، وخلق التحالف العربي – الأمريكي. الدعم السياسي الأمريكي ومنظومة الدفاع العسكري المشترك والتعاون في محاربة الإرهاب، لا سيما ضد داعش، وتحدي النظام الجديد في سوريا، وإدارة المحور المناهض لإيران، ومواجهات إقليمية أخرى مثل التوتر بين مصر وإثيوبيا الذي يحتاج إلى التدخل الأمريكي أو إعادة فتح مسار الملاحة في البحر الأحمر – كل ذلك جزء من المواضيع التي قد تتضرر إذا وصلت الدول العربية إلى منافسة لي الأذرع مع الإدارة الأمريكية، وهذا قبل التحدث عن الإمكانية الكامنة في المس باتفاقات السلام بين الأردن ومصر وبين إسرائيل.

يعتقد الباحث الأردني أنه لا يقين بأن ترامب وطاقمه فحصوا هذه المعايير عندما عرضت الخطة كإنذار نهائي وخلق معادلة بين المساعدات وتوطين الفلسطينيين في الأردن ومصر. في هذه الأثناء، تم تخفيف الإنذار، وحصل اشتراط منح المساعدات للأردن ومصر باستيعاب لاجئين من قطاع غزة، على صيغة أكثر اعتدالاً ولطفاً؛ فقد انتقل ترامب من التهديد المباشر بوقف المساعدات إلى “ساهمنا بأموال طائلة للأردن ومصر، لكن لا يجب علي أن أهددهما. أعتقد أننا أبعد من ذلك”. أبعد من ذلك أم لا، هذا التهديد سمع في السابق، وهو يلزم زعماء دول المنطقة بمواجهته وكأنه قائم بالفعل.

شرك للملك

الملك عبد الله الذي تفاجأ من الاستعراض العلني المغطى إعلامياً في البيت الأبيض (الذي حسب جهات أردنية لم يكن مخططاً له واعتبر بمثابة شرك متعمد للملك)، تجاوزه الملك بلباقة، ووجد بحكمته الرد الذي أثنى فيه على ترامب عندما قال: “مع كل التحديات التي نواجهها في الشرق الأوسط، أرى أخيراً شيئاً ربما يجعلنا نتجاوز خط النهاية والتوصل إلى الاستقرار والسلام والازدهار، للجميع في المنطقة. ولكن فيما يتعلق بالخطة نفسها، قال الملك إن “الموضوع هو فحص كيفية عملها بصورة ترضي الجميع. من الواضح أن علينا رؤية مصالح الولايات المتحدة وسكان المنطقة، خاصة مصالح الشعب الأردني”. كان هذا الرد الارتجالي والمتعرج، وقد أغضب كثيرين في الأردن، واستدعى انتقاد الجمهور للملك؛ لأنه لم يكن فيه رفض مطلق وحازم لخطة التهجير. في اليوم التالي، حدد رئيس الحكومة الأردنية، جعفر حسان، لاءات للأردن الثلاث: “لا لإعادة توطين الفلسطينيين، لا للتهجير، ولا لحلول على حساب الأردن”. ما هو ذلك ومتى، هذا ما يأمله وزراء خارجية الدول العربية: التوصل إلى خطة متفق عليها في لقاء القمة القريب، الذي سيسبق الخطة المخطط لعقدها في 27 شباط. الدعم الأساسي للخطة العربية قد تقدمه السعودية، التي قد تكون الكابح الرئيسي أمام التهديد الأمريكي.

السعودية، التي طرحت في العام 2002 المبادرة العربية التي صادقت عليها القمة العربية في بيروت، وأصبحت المركب الثابت في كل عملية سياسية منذ ذلك الحين، تحمل في جعبتها ثلاث أدوات ضغط ثقيلة؛ فأمام تهديد تقليص المساعدات الذي يلوح به ترامب، تستطيع الرياض طرح حزام أمان اقتصادي للأردن ومصر (الموجودة أصلا ًفي قائمة زبائنها الدائمين). وهكذا، إزالة قسم التمويل الكامن في تهديد ترامب. في يدها قرار إذا كانت ستوقع على اتفاق السلام مع إسرائيل – ما يطمح إليه ترامب ونتنياهو. وقد وعدت أيضاً باستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة في سنوات ولاية ترامب الأربعة.

السعودية، التي اكتفت حتى 7 أكتوبر بحل سياسي يوفر للفلسطينيين “ظروف حياة أفضل” كشرط للتطبيع مع إسرائيل (بدون تفصيل هذه الظروف المحسنة)، تصمم الآن على صيغة “الدولتين”. ومثل كل الدول العربية، هي تعارض بصورة حاسمة تهجير سكان القطاع وإعادة توطينهم في دول عربية. هكذا تتطور الآن حول غزة جبهة سياسية فيها المفاوضات والأهم سيتم إجراؤها بين الدول العربية والإدارة الأمريكية، التي سيتعين فيها على ترامب التقرير أين توجد مصالح أمريكا.

موقف عربي متبلور في مثل هذا الإطار يعمل على إقامة تحالف عربي، ويعتبر مناوئاً لسياسة ترامب، ويبدو أنه يعطي روحا داعمة لحماس، التي سبق وأغدقت الثناء على الملك الأردني والرئيس المصري بسبب صمودهما”. ولكن سواء حماس أو التحالف العربي، يعترفان بأن خطة إعادة الإعمار واقتراحات الحل السياسي والمعارضة الموحدة لتهجير مليوني فلسطيني ليست البديل لمواجهة الموضوع الرئيسي الذي يتعلق بمستقبل حماس في القطاع. مرة أخرى، يطفو الاقتراح القديم الذي سيتم بحسبه نفي رجال حماس من القطاع، كما تم نفي رجال م.ت.ف من لبنان في 1982.

لكن الفرق الفكري بين م.ت.ف في لبنان وحماس في غزة هو أن لبنان اعتبر بالنسبة لـ م.ت.ف دولة مستضيفة فقط، في حين أن قطاع غزة هو الوطن الذي يجب المحاربة على وجوده. وإذا وافقت كتائب عز الدين القسام على التهجير من غزة، على فرض أن التحالف العربي سينزل ترامب عن شجرة الترانسفير، فسيبقى في القطاع أكثر من مليوني مواطن. بالنسبة لهم، ستكون هناك حاجة للعثور على حل داخل القطاع.

تسفي برئيل

هآرتس
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات