عمان – “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
يستمر العداء السعودي لدولة الاحتلال الإسرائيلي، ويتصاعد على غير عادة الدبلوماسية السعودية، وأدبيّاتها بخُصوص الضبط الإعلامي في التعامل مع دولة الكيان وسياقات الاعتدال، وذلك فيما يبدو يُعبّر عن مدى الامتعاض السعودي من اقتراحات تهجير الفلسطينيين إلى أراضيها، وقُبولها التطبيع “مجّانًا”.
رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق تركي الفيصل شنّ هُجومًا عنيفًا، وغير مسبوق، وصل لحد الهجوم الشخصي على شخص رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث وصفه بـ”الشخص العنجهي”، وأسلوبه “المُقزّر”.
ad
جاء ذلك الهجوم الحاد من قبل الفيصل، بعد مقترح نتنياهو لإقامة دولة فلسطينية على أراضي السعودية “الشّاسعة” كما وصفها.
ولا يشغل الفيصل منصبًا رسميًّا، ولكنّه من أكثر الشخصيات السعودية التي كانت تنظر للتطبيع نظرة إيجابية، وانتقاله للدفّة المُقابلة والمُدافعة عن الفلسطينيين، يشي بحجم الاستياء السعودي من نتنياهو، حيث قال الفيصل بأنه يفتقر (نتنياهو) إلى كل مبادئ اللياقة”، وأن فكرته لتهجير الفلسطينيين إلى السعودية، مُستحيلة وغير مقبولة.
ووقف الفيصل صراحةً في خندق الفلسطينيين حين أكد على أن القضية الفلسطينية عانت مُنذ بدايتها من ظلم واضح للجميع، حيث انتُهِكت حقوق الشعب الفلسطيني وأرواحه.
وفي تصريحٍ لافت، غاب عن تصريحات المسؤولين العرب طويلًا، ويدعو للوحدة العربية، قال الفيصل إن “على الدول العربية الوقوف كمجموعة واحدة ضد القرارات الأمريكية والإسرائيلية”، مُتابعًا بأنه “بوحدتهم لن يستطيع أحد التأثير عليهم”.
وأكد الفيصل على أن وحدة الدول العربية يجب أن تتم بغض النظر عن وجود خلافات فلسطينية-فلسطينية داخلية.
وجاءت تصريحات الفيصل على قناة “العربية” على هامش مُشاركته في مؤتمر ميونيخ لـ”الأمن العالمي”.
ولم يقتصر هجوم الفيصل على نتنياهو، بل طال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث قال إن الكلام سهل والفعل له شروطه ومقوماته، مُشيرًا إلى أن ما قاله ترامب ليس بالضرورة ما سيفعله العالم.
وحذّر الفيصل قائلًا: يجب ألا نضطرب وندخل في بلبلة فكرية؛ ولكن هذه التصريحات دليل على نوع من الغطرسة التي يُمارسها ترامب في تصرّفاته مع الآخرين”.
وانتقاد شخصية ترامب يُعتبر من النوادر السعودية، حيث كانت العلاقة ممتازة، وإيجابية في ولايته الأولى لحد الانسجام، واستقبلته الرياض بحفاوة، واستقبال الفاتحين، لكن يبدو هذا في سياق التبدّل والتغيّر، ويبدو أن ترامب قد صدم القيادة السعودية بنوايا ولايته الثانية، حيث قال الفيصل في هذا السياق: “نرى انجرافًا من القيادة الأمريكية وراء المصلحة الإسرائيلية لم نعهده من القيادات الأمريكية السابقة”.
بل عاد الفيصل لانتقاد ولاية ترامب الأولى، قائلًا إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ولايته الأولى (2016-2020)، قد أعطى إسرائيل هضبة الجولان السوري، فضلًا عن إعلانه أن القدس عاصمة الاحتلال، “وكأن هذه الأراضي يملكها ترامب ويتصرّف فيها كما يشاء”.
واستبعد الفيصل قيام ترامب بالبحث عن جيش لإخراج الفلسطينيين من غزة، واصفًا تصريحاته بأنه نوع من الغطرسة.
هذا الموقف السعودي العدائي تجاه خطط نتنياهو وترامب، يبدو بكُل حال مُتقدّمًا، ومُستمرًّا، وظهر ليس فقط على لسان الفيصل، بل تجسّد في التغطيات الإعلامية السعودية الحادّة (صحف وتلفزة) ضد نتنياهو وترامب، إلى جانب الموقف السعودي الرسمي الرافض في بيانات الخارجية السعودية، لتهجير الفلسطينيين من غزة، ووضع شرط قبول التطبيع الحاسم بقيام الدولة الفلسطينية، وهذه حالة لافتة حقيقية، لفتت أنظار المقاومة الفلسطينية في غزة (حماس)، ودفعها لرفع العلم السعودي إلى جانب أعلام دول عربية على منصّة تسليم الأسرى، تقديرًا وامتنانًا منها لموقفها الرافض لتهجير الفلسطينيين من أرضهم.
ويعقد قادة السعودية ومصر والإمارات وقطر والأردن قمّة في الرياض في 20 فبراير؛ لمناقشة الرد على خطة ترامب بشأن قطاع غزة، على ما أفاد به مصدرٌ سعودي مطلّع، وكالة فرانس برس، وذلك قبل “أيّام” من قمة عربية مُرتقبة في القاهرة في 27 فبراير الحالي، مشيرًا المصدر إلى أنّ القمة ستشدّد على “عدم إخراج الغزيين من غزة” و”رفض التهجير”.