لندن- “القدس العربي”: نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرًا تساءلت فيه إن كان الأردن سيشهد اضطرابًا سياسيًا، مشيرة إلى أن صعود الإسلاميين في الضفة الغربية يعتبر تهديدًا للعرش الأردني.
وقالت إن الأردنيين خرجوا بعشرات الآلاف للترحيب بملكهم وعودته الظافرة كبطل. ففي 13 شباط/فبراير، بث التلفزيون الأردني مشاهد ترحيب الجماهير بالملك عبد الله الثاني، الذي عاد من زيارة إلى واشنطن حيث قاوم الضغوط الأمريكية والإسرائيلية لقبول خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجير سكان غزة وترحيلهم إلى الأردن.
هتف المتظاهرون ترحيبًا بالملك عبد الله الثاني: الأردن هو الأردن وليس فلسطين
وهتف المتظاهرون: “الأردن هو الأردن وليس فلسطين”، إلا أن الحافلات التي اصطفت على الطريق كذّبت المزاعم بأن حشود المرحبين كانت عفوية. ففي المؤتمر الصحافي الذي عقده الملك مع الرئيس ترامب، لم يكن مرتاحًا عندما سأله الرئيس الأمريكي عن تهجير الفلسطينيين، ورمش بشدة. وقال معلق أردني إن المؤتمر “كان كارثة”، وانتشرت تعليقات ساخرة على منصات التواصل الاجتماعي.
وتقول المجلة إن سوريا ولبنان شهدا مخاضًا سياسيًا وتغيرات في الأشهر الأخيرة، وتساءل الأردنيون إن كان بلدهم سيواجه المصير ذاته. ويخشى الأردن من تداعيات تقدم الدبابات في الضفة الغربية المحتلة، فقد شردت الحملة الإسرائيلية المستمرة منذ شهرين أكثر من 40,000 فلسطيني.
ويخشى الأردن من أن تؤدي الاضطرابات إلى عملية خروج جماعي، فهناك مئات الآلاف من سكان الضفة الغربية الفلسطينيين، البالغ عددهم 3 ملايين نسمة، يحملون الجواز الأردني. وقد أنعش شراؤهم للبيوت في الأردن (في حالة الطوارئ) مجال الإعمار. ويخشى الشرق أردنيون من أن يؤدي تدفق الفلسطينيين إلى تحويل الأردن إلى فلسطين في النهاية.
تأثير حرب غزة وصعود الإسلاميين
حتى لو صمد الفلسطينيون في الضفة الغربية، فإن الحرب المستمرة في غزة منذ 17 شهرًا تركت أثرها على السياسة في المملكة. فـ “حماس”، التي تعرّضت لضربة في غزة، لا تزال تؤثر على الشارع الأردني. وقد فاجأت جماعة “الإخوان المسلمين”، التي انبثقت منها “حماس”، الكثيرين بفوزها الساحق على الأحزاب المؤيدة للحكومة في الانتخابات التي جرت في أيلول/سبتمبر الماضي.
ولم تستعرض الجماعة قوتها في الآونة الأخيرة. ويقول دبلوماسيون إن اعتقال مثيري الشغب يبقيها بعيدة، ولكن آخرين يشتبهون في أنها لا تفعل أكثر من انتظار الفرصة المناسبة.
وتقول المجلة إن تغيير النظام في الجارة سوريا زاد من آمال الإسلاميين، فبعد عقد من التهميش، أعادت الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد الإسلاميين إلى السلطة في العالم العربي. ويتذكر الأردنيون أنه عندما كان أحمد الشرع، الرئيس السوري الجديد، زعيمًا لتنظيم موالٍ لـ “القاعدة”، كانت صفوفه تتألف إلى حد كبير من المقاتلين الأجانب، وكثير منهم من الأردن.
ولا يزال بعض الجهاديين الأردنيين على الساحة السورية، بمن فيهم رئيس الحرس الرئاسي المعين حديثًا.
ويقول حسن أبو هنية، الخبير في شؤون الإسلاميين: “يتساءل الإسلاميون في مختلف أنحاء الأردن: إن كان بوسعهم الاستيلاء على السلطة، فلماذا لا نستطيع أن نفعل ذلك؟”.
ولهذا، تقول المجلة، إن زيارة أحمد الشرع إلى الأردن في 26 شباط/فبراير لم تكن حافلة، وأبقيت على مستوى منخفض.
ضعف التحالفات الخارجية وتأثيرات الاقتصاد
تضيف المجلة أن الأردن كان في الماضي قادرًا على الاعتماد على الدعم من الخارج، لكنه، وعلى مدى السنوات الـ 25 الماضية، فَقَدَ الكثير من أصدقائه في المنطقة.
تغير النظام في سوريا زاد من آمال الإسلاميين بعد عقد من التهميش
وعلى خلاف رؤساء وزراء إسرائيل السابقين، يعامل بنيامين نتنياهو الملك بنوع من الغطرسة. وتزعم المجلة أن تهريب السلاح والمقاتلين عبر الحدود مع إسرائيل قد ازداد.
وفي السعودية، سرق ولي العهد محمد بن سلمان الأضواء، وبات زعيمًا مؤثرًا في المنطقة. وعندما زار وزير الخارجية الأمريكي الجديد، ماركو روبيو، المنطقة، لم يكن الأردن ضمن محطاته.
وربما كان الأردن قادرًا على تجنّب رياح التغيير في المنطقة لو كان اقتصاده قويًا. فمنذ الربيع العربي عام 2011، تجمّد دخل الفرد دون تغيير، ويعاني معظم الأردنيين من الديون.
وربما أنعشت إعادة الإعمار في سوريا سوق العمل في الأردن والطلب على فائض الإسمنت الأردني، بل وفتح طرق التجارة مع أوروبا. وربما أدى السلام الإقليمي إلى تحقيق فوائد، مثل الحصول على المياه المحلّاة من إسرائيل، وتدفق السياح، وبناء خط سكة حديدية يربط الخليج بالبحر الأبيض المتوسط.
وفي المقابل، يخشى المتشائمون من أن يؤدي رفض الأردن لمطالب ترامب إلى قطع المساعدات الأمريكية المباشرة والدعم العسكري الذي يعتمد عليه الملك.
وفي الماضي، كان الملك يلقي اللوم على رئيس الوزراء أو رؤساء الأجهزة الأمنية، لكن هذا لم يعد كافيًا على ما يبدو، في ظل تجمع العديد من العوامل المعقدة التي قد تؤثر على استقرار الأردن في المستقبل.