وضعت شرطة ولاية الخرطوم وبالتنسيق مع اللجنة الأمنية خطة تتواءم مع المرحلة المقبلة، وتهدف إلى مكافحة الجريمة والقضاء عليها وإزالة الظواهر السلبية من المجتمع"
حذرت تنسيقية كرري من أن "استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى انهيار كامل للنسيج الاجتماعي، إذا ما لجأ المواطنون إلى حلول فردية لحماية أنفسهم".
تعيش مدينة أم درمان حالاً من الترويع والتوجس بفعل تزايد عمليات النهب والسلب بمعدل متسارع، وقد طاولت جرائم السرقة آلاف المنازل ولم تستثنِ حتى المارة في الشوارع، وشكلت هذه الحوادث في الآونة الأخيرة مهدداً وهاجساً حقيقياً للسكان، تحد من حركتهم الطبيعية ونشاطهم التجاري والاجتماعي، بخاصة بعد غروب الشمس.
حالات لا تحصى من النهب نهاراً جهاراً تعرض فيها مواطنون للتهديد، وفقد ضحايا كثر هواتفهم وممتلكاتهم الشخصية وأموالهم بالطريقة نفسها، ويسود القلق والخوف بين سكان أم درمان من اتساع رقعة عمليات السلب والسرقة لتشمل أحياء العاصمة كافة في ظل عدم كفاية التدابير الأمنية أثناء الحرب.
انفلات وتدهور
إلى ذلك قالت تنسيقية لجان مقاومة كرري، إن "مدينة أم درمان تعيش أوضاعاً أمنية متدهورة منذ اندلاع الصراع المسلح، إذ تفككت المنظومة الشرطية، وغابت أجهزة إنفاذ القانون عن القيام بدورها في حماية المواطنين".
وأضافت في بيان "مع استمرار حالة الانفلات، تفشت جرائم السرقة المسلحة، والسطو على المنازل، والاعتداءات في وضح النهار من دون أي تدخل يذكر من الجهات المعنية".
وتابع البيان "في ظل هذا الفراغ الأمني باتت الأحياء هدفاً مفتوحاً للعصابات، إذ يتم تنفيذ عمليات نهب منظمة، وتهديد السكان بالسلاح، بينما لم تعد أقسام الشرطة سوى مكاتب لتسجيل البلاغات من دون متابعة أو تحقيق فعلي".
وطالبت تنسيقية كرري، الجهات الأمنية، بتوضيح موقفها مما سمتها بـ"الفوضى المستمرة"،
وحذرت من أن "استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى انهيار كامل للنسيج الاجتماعي، إذا ما لجأ المواطنون إلى حلول فردية لحماية أنفسهم".
صعوبة البحث
يقول المواطن محمد سبيل الذي يسكن منطقة الثورات بأم درمان إن "أحياء العاصمة ظلت منذ أسابيع عدة تشهد عمليات نهب وسلب يقوم بها أفراد مدنيون، وآخرون للأسف يرتدون أزياء عسكرية، مما يصعب عملية البحث والاكتشاف عن اللصوص في مثل هذه الظروف".
وأضاف أن "الأحياء السكنية باتت مجتمعات محفوفة بالأخطار وعدم الثقة، خصوصاً في ظل تزايد حوادث النهب المسلح بعد غروب الشمس والاعتداء على منازل السكان تحت تهديد السلاح لترهيبهم من أجل الإفصاح عن مكان مدخراتهم الثمينة".
وأوضح سبيل أن "قيمة النجاة لا تقدر بثمن مقابل كل ما يملك الشخص في تلك اللحظة، لذا تظل مقاومة كل من تطلب منهم أموالهم وذهبهم ضعيفة للغاية حتى لا يتعرضوا للضرب أو الإصابات الخطرة وحتى القتل".
أخطار متزايدة
الطاهر العبيد، أحد سكان محلية كرري بأم درمان، قال إن "ما جرى من عمليات نهب وسلب هو أمر غير متوقع بخاصة في ظل استمرار دوريات التمشيط الأمني في الأحياء، إذ إن المواطن يعتمد على الدولة ممثلة بأجهزتها الأمنية والشرطية في سلامة الأرواح والممتلكات، لكن الفترة الأخيرة شهدت حوادث سرقات مستمرة من دون الحد من أخطارها المتزايدة".
وأشار إلى أن "مدينة أم درمان تعيش أوضاعاً أمنية متدهورة حفزت العصابات على النهب والسلب، وكذلك ترويع السكان في وضح النهار وأمام مرأى من الناس من دون تدخل من الأجهزة الشرطية لحفظ الأمن".
ولفت العبيد إلى أن "أقسام الشرطة تكتفي بتسجيل البلاغات فحسب، ولا تقوم بدورها في المتابعة والتحقيق بجرائم السرقات المتكررة، بخاصة بعد تعدد الشكاوى من وجود أشخاص يرتدون أزياء عسكرية يقومون بعمليات نهب واسعة في أحياء مدينة أم درمان".
يسود القلق والخوف بين سكان أم درمان من اتساع رقعة عمليات السلب والسرقة (اندبندنت عربية - حسن حامد)
"خطة طموحة"
من ناحيتها، أعلنت شرطة ولاية الخرطوم جهوزيتها للاضطلاع بمهامها الأمنية والجنائية من خلال الانتشار الواسع للقوات وتفعيل عمل الأقسام والدوريات والارتكازات والطوف الليلي لتحقيق الأمن وبسط هيبة الدولة وسيادة حكم القانون.
وفي هذا الصدد، أوضح مدير شرطة ولاية الخرطوم الفريق أمير عبدالمنعم فضل أن "الشرطة أكملت انتشارها في مدينة أم درمان ومحلية كرري، وأهلت أقسام العاصمة الوطنية".
وتطرق إلى دور الخلية الأمنية الداعم للخطة الأمنية وتنفيذ أوامر الطوارئ والقبض على العصابات المنظمة التي تقوم بأعمال سرقة وتزوير.
وأشار فضل إلى أن "شرطة ولاية الخرطوم وبالتنسيق مع اللجنة الأمنية وضعت خطة طموحة تتواءم مع المرحلة المقبلة، وتهدف إلى مكافحة الجريمة والقضاء عليها وإزالة الظواهر السلبية من المجتمع".
حوادث متكررة
في غضون ذلك، تأثرت معظم أحياء أم درمان بعمليات السلب والنهب، لا سيما الثورات والفتيحاب جنوباً مروراً بأحياء الوسط والغرب حتى مدينة أمبدة.
على الصعيد نفسه، اعتبر الفاتح حماد الذي يقطن حي ود البخيت أن "ما يحدث لسكان العاصمة الوطنية من ترويع وحوادث نهب يمثل إحدى كوارث الحرب"، محملاً المعنيين "مسؤولية الإسهام في تناميها وانتشارها نتيجة عدم التحرك للحد منها بدرجة كبيرة، على رغم وجود أقسام عدة للشرطة في المناطق كافة".ونوه بأن "مدينة أم درمان تنعم ببعض الاستقرار وبقليل من مظاهر الحياة والحركة التجارية، لذا يجب أن تقوم الشرطة بدورها في حفظ الأمن والتحقيق في جرائم السرقات المتكررة".
ويرى حماد أن "عدم اتخاذ السلطات التدابير اللازمة هو ما شجع كثراً على تلك الأفعال، حتى إن هناك بعض حالات لمن ليسوا من أصحاب السوابق، فهذه الجريمة ستظل جاذبة ما دام أنها تحقق عائداً لمرتكبيها مع ضعف محاربتها من قبل الأجهزة المنوط بها ذلك".
بيئة خصبة
على صعيد متصل عزا الناشط المجتمعي آدم جابر تزايد عمليات النهب والسلب إلى "الأوضاع الأمنية التي تمر بها البلاد والتي تشكل بيئة خصبة للمجموعات الإجرامية لترويع الناس وسرقة ممتلكاتهم، فضلاً عن التدهور الاقتصادي والوضع المعيشي وارتفاع نسبة البطالة".
وأشار إلى أن "عمليات النهب في أحياء مدينة أم درمان تستهدف بشكل أساس الحقائب النسائية والهواتف المحمولة، ولم تتوقف الظاهرة عند هذا الحد، بل تطورت إلى التهديد بالسلاح الأبيض (السواطير والسكاكين)، والأذى الجسدي في حال مقاومة الضحية".
وأوضح جابر أن "بسط الأمن مسؤولية الأجهزة الأمنية بصورة عامة والشرطة على وجه الخصوص، وعلى رغم أنها تبذل جهوداً كبيرة في ذلك، فإن انشغالها بالحرب ربما يؤدي إلى ضعف القوة المتوافرة، لكن تظل تلك مهمة الدولة ولا يعفيها ذلك من مسؤوليتها".