نشرت مجلة بوليتيكو تقريرًا أشارت فيه إلى أن محدودية الأسلحة المتاحة والأزمة الإقليمية المتصاعدة قد تُعرقل جهود الولايات المتحدة في معركتها ضد الحوثيين. فالحملة العسكرية التي تشنها الإدارة الأمريكية ضد الجماعة المدعومة من إيران تواجه تحديات كبيرة في ظل القيود السياسية والصناعية للولايات المتحدة.
في التقرير الذي أعده بول ماكليري وجاك ديستش، تم التأكيد على أن المسؤولين في البنتاغون وعدوا بعدم تحول القتال المتجدد مع الحوثيين إلى حرب لا نهاية لها. ومع ذلك، يبدو أن الوضع يتعقد بشكل متزايد. فقد تعهدت إدارة ترامب بملاحقة الحوثيين حتى يتوقفوا عن مهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر. لكن حملة القصف التي بدأت منذ أيام تواجه تحديات عديدة، من بينها مخزونات الأسلحة المحدودة وأزمة إقليمية أوسع. هذا بالإضافة إلى وجود جماعة تمرد لا يبدو أنها ستتراجع، حتى في مواجهة قوة عسكرية عظمى.
تحديات القصف الأمريكي والتصعيد الإقليميوفي تصريحات للمتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل، قال: “يمكن للحوثيين تحديد متى ينتهي هذا، وحتى ذلك الحين، ستستمر الحملة بلا هوادة”، مضيفًا: “جميع الخيارات مطروحة”. ومنذ بداية الغارات الأمريكية، استهدفت المقاتلات والسفن الحربية أكثر من 30 هدفًا في اليمن، بما في ذلك القيادة الحوثية ومخازن الصواريخ. وقال الرئيس دونالد ترامب إن هذه العمليات ستستمر حتى “تحقيق أهدافنا”، محذرًا من أن أي هجوم حوثي ضد أهداف أمريكية سيُعتبر هجومًا إيرانيًا وسيترتب عليه “عواقب وخيمة”.
تُظهر المجلة أن الحوثيين قد نجوا من عشرات الغارات الجوية والهجمات الصاروخية في ظل إدارة بايدن. وبينما يصر البيت الأبيض على أن الوضع سيتغير بقيادة ترامب، يواجه المسؤولون الأمريكيون تصاعد التوترات في المنطقة واحتمال تجدد القتال بين إسرائيل وحماس في غزة. ففي يوم الثلاثاء، شنت إسرائيل أكبر هجوم لها على القطاع منذ وقف إطلاق النار في يناير، رغم أن حماس لم ترد بعد.
تحديات الحملة الأمريكية ضد الحوثيينوقال بلال صعب، المسؤول الدفاعي السابق أثناء إدارة ترامب الأولى: “إذا تركتم الأمر للحوثيين، سيقاتلون حتى آخر رجل في حركتهم، ولن يستسلموا، بل سيواصلون القتال ضد الولايات المتحدة”. وأشار إلى أن أي حملة أمريكية مستمرة ضد الحوثيين ستكون مختلفة عن حملات القصف في عهد بايدن من حيث النطاق والقوة.
في عهد إدارة بايدن، كانت الغارات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة بين 2023 و2024 قد نُفذت بالتنسيق مع الفرنسيين والبريطانيين كجزء من تحالف أوسع. لكن إدارة ترامب لا تبدو مهتمة بإعادة تشكيل هذا التحالف. وقالت دانا سترول، المسؤولة في البنتاغون لشؤون الشرق الأوسط في عهد بايدن: “العنصر المفقود هذه المرة هو القوة متعددة الجنسيات”.
على الرغم من أن مهمة أمنية بحرية بقيادة الاتحاد الأوروبي، التي تشارك فيها إيطاليا، تستمر في البحر الأحمر، إلا أن الحملة العسكرية الجديدة تعد بمثابة عمل منفرد للولايات المتحدة. وقالت المجلة إن الحملة قد تزيد من أعباء إمدادات الأسلحة الأمريكية التي تكافح بالفعل لمواكبة الشحنات المستمرة إلى أوكرانيا، فضلًا عن دعم الهجمات الإسرائيلية على غزة والدفاعات ضد الهجمات الإيرانية.
المخاطر المتزايدة وتأثير إيرانوأكدت سترول أن “قطاع الدفاع لا يواكب معدل الإنفاق العسكري الأمريكي ولا يدعم حلفاءه وشركاءه مثل أوكرانيا وإسرائيل”. فقد أطلقت الولايات المتحدة أكثر من 800 صاروخ في حملة القصف الجوية ضد الحوثيين في اليمن، بما في ذلك 135 صاروخًا من طراز توماهوك، والتي يتراوح سعر الواحد منها حوالي مليوني دولار. إضافة إلى 155 صاروخًا تقليديًا أُطلق من السفن الحربية الأمريكية بتكلفة تتراوح بين مليوني دولار و4 ملايين دولار لكل صاروخ.
لكن المتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل، أكد أن الجهود الأخيرة “ليست هجومًا بلا نهاية، ولا يتعلق الأمر بتغيير النظام”. ومع ذلك، حذر مسؤولون عسكريون سابقون من أن الضربات هذه المرة قد تلحق المزيد من الأضرار. وقال الجنرال المتقاعد كينث ماكينزي الذي قاد القيادة المركزية بين 2019 و2022: “الإدارة السابقة كانت تقيّد نفسها بما يلزم من خطوات، بينما هذه الأهداف أكبر وأعمق مما اختارت إدارة بايدن ضربه”.
وأضاف ماكينزي أن الحرب المستمرة قد تؤدي إلى إرهاق البنتاغون وتحويل انتباهه عن الردع ضد الصين، لكنها ستضمن أيضًا حرية الملاحة عبر أحد أكثر الممرات المائية ازدحامًا في العالم. وقال: “هناك مخاطر، ولكن هناك أيضًا مخاطر كبيرة إذا لم نتحرك”. كما أشار إلى أن تغيير البروتوكولات قد يطيل أمد القتال، حيث يسمح ترامب للقادة في المنطقة بتحديد متى وأين يشنون الضربات، بدلًا من انتظار موافقة من الرئيس.
الدور الإيراني في النزاعنقلت المجلة عن نائب الأدميرال كارل توماس، رئيس الاستخبارات البحرية، قوله يوم الثلاثاء إن الولايات المتحدة وجهت “ضربة هجومية قوية” إلى الجماعة الحوثية في اليمن. وأضاف: “سنرى إلى أي مدى يريدون الوصول”. وفي النهاية، سيظل دور إيران مهمًا في تحديد مدى سيطرتها على الحوثيين ومدى استمرار العمليات العسكرية.
ويقول بلال صعب: “المشاهد هو إيران، وهذا يطرح تساؤلًا حول مدى تأثير الإيرانيين على الحوثيين ودفعهم نحو تهدئة الوضع”.