لم يكن الإعلان العراقي، الأسبوع الماضي، عن ضبط واحدة من اكبر شحنات الكبتاغون والبالغة اكثر من طن قادمة من سوريا ثم الى تركيا، بإعلان روتيني، بل اثار الاهتمام جدا خصوصا مع استمرار تهريب الكبتاغون بالرغم من سقوط نظام الأسد.
من هنا، تتبع تقرير لدويتشه فيله الألماني، الأسباب التي تجعل الكبتاغون مستمر بالرغم من سقوط نظام الأسد الذي كان هو الراعي لصناعة وتجارة الكبتاغون وان لم يكن بشكل مباشر، باعتبارها وسيلة لتمويل البلاد التي تعاني من العقوبات.
يحدد المختصون عدة مبررات وأسباب تجعل الكبتاغون مستمرا، من بينها المشاكل الأمنية العامة والمستمرة في سوريا، حيث ان الحكومة المؤقتة لا تملك التمويل أو الموظفين أو الوقت أو معدات المراقبة اللازمة للقضاء نهائيًا على إنتاج الكبتاغون وتهريبه، ولكن هناك عوامل أخرى أيضًا، من بينها ان تغض الإدارة الجديدة بقيادة الشرع طرفها عن بعض مناطق معامل الكبتاغون التي “لايريد استعدائها”.
ولاحظ معهد نيولاينز، في عام 2024، أن نظام الأسد بدأ يمارس المزيد من الضغط على شبكات تهريب الكبتاجون، بسبب الضغوط التي تعرض لها النظام ولا سيما من قبل الدول العربية المتضررة من هذه المخدرات، لكن نتيجة لحملة التضييق التي شنها الأسد، اتسع تهريب الكبتاغون إلى العراق، وتركيا، وألمانيا، وهولندا، ومصر، وحتى الكويت، وهو أمرٌ مثيرٌ للاهتمام”، كما أوضحت كارولين روز، مديرة ملفّ العلاقة بين الجريمة والصراع في معهد نيولاينز، مبينة انه “لم يكن النظام يعلم بذلك حينها، لكن كانوا يُمهّدون دون علمٍ لهذه التجارة غير المشروعة لتزدهر بعد سقوط النظام”.
وأشار المعهد إلى أن شبكات ومختبرات التهريب تطورت لتصبح أصغر حجمًا وأكثر تنقلًا ومرونة حتى قبل ديسمبر الماضي، وأضافت أن كل ذلك “يُسهم بشكل كبير في أن يصبح الكبتاغون تجارة عابرة للحدود وأكثر مرونة، ويصعب مواجهتها”.
ويقول باحثون إن كميات قليلة من مادة الكبتاجون يتم إنتاجها في منطقة البقاع جنوبلبنان، فيما أشار معهد كارنيغي لشؤون الشرق الأوسط أن بعض المضبوطات الأخيرة هي مخزونات متبقية من نظام الأسد، لكن الكبتاجون لا يزال يُنتج داخل سوريا أيضاً.
ويضيف انه: “في شمال سوريا، تضمن مسار تهريب الكبتاغون إلى تركيا تعاونًا بين النظام السوري وجماعات مسلحة تابعة للجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، لذا يستمر إنتاج الكبتاغون في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في سوريا، بما في ذلك الأجزاء الشمالية من البلاد الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني السوري”.
وأشار المعهد الى أن إنتاج الكبتاجون لا يزال مستمراً في جنوب سوريا، على سبيل المثال، في منطقة السويداء، حيث يشارك أعضاء بارزون من المجتمع المحلي في هذه الأعمال، مبينا ان بعض المجموعات التابعة للمعارضة السورية كانت تُنتج الكبتاغون بنشاط، وبعض هذه المصانع لم تُغلق في محافظتي السويداء ودرعا”.
وأشار محللون آخرون، انه قد لا يكون الرئيس السوري المؤقت، الشرع، قادرًا على فعل الكثير حيال ذلك حاليًا، فهو لا يستطيع تحمل استعداء قادة المجتمع الذين قد يكونون متورطين أيضًا في تجارة الكبتاغون، إذ عليه أيضًا تحقيق الاستقرار في البلاد بعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية والانقسام الطائفي.
لهذا السبب لم نشهد سلسلة من عمليات ضبط معامل الكبتاغون [في تلك المناطق] كما رأينا في أماكن أخرى، حيث ان الحكومة المؤقتة تُدرك قدرات هذه العشائر وهذه الشبكات المختلفة – لديهم نفوذ واحترام ومصداقية، وهذه القدرات تتجلى بوضوح الآن مع اشتباكات حدودية بين عشائر مرتبطة بحزب الله والجيش اللبناني والجيش السوري”