لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرًا أعده إريك شميدت، وحامد عزيز، وماغي هابرمان، ومايكل كراولي، نقلوا فيه عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن إدارة ترامب تخطط لنقل مجموعة من المهاجرين إلى ليبيا على متن طائرة عسكرية أمريكية، في ما يُنظر إليه على أنه تصعيد حاد وجديد في برنامج الترحيل، الذي أثار طعونًا قانونية واسعة النطاق، وجدلاً سياسيًا حادًا في الولايات المتحدة.
ولم تتضح بعد جنسيات المهاجرين، لكن رحلة جوية متجهة إلى ليبيا تقل المرحّلين قد تغادر يوم الأربعاء، وفقًا للمسؤولين الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، لأنهم غير مخوّلين بمناقشة العملية.
ويهري: زرت سجون المهاجرين، ليست مكانًا مناسبًا. إنها مكان مروّع لإلقاء أي شخص ضعيف فيه
وكان قرار إرسال المرحّلين إلى ليبيا صادمًا؛ فالبلاد تعيش حالة من الصراعات، وقد وصفت جماعات حقوق الإنسان الأوضاع في مراكز احتجاز المهاجرين هناك بأنها “مروعة” و”بائسة”.
وتتماشى عملية الترحيل إلى ليبيا مع جهود إدارة ترامب، ليس فقط لردع المهاجرين عن محاولة دخول البلاد بشكل غير قانوني، بل أيضًا لتوجيه رسالة قوية إلى المقيمين فيها بشكل غير قانوني، بأنه يمكن ترحيلهم إلى دول قد يواجهون فيها ظروفًا قاسية. وكانت وكالة أنباء “رويترز” قد ذكرت سابقًا احتمالية تسيير رحلة ترحيل أمريكية إلى ليبيا.
وقالت الصحيفة إن التخطيط للرحلة إلى ليبيا يجري بحذر شديد، ولا يزال من الممكن أن تُعرقل بسبب عقبات لوجستية أو قانونية أو دبلوماسية.
ورفض البيت الأبيض التعليق. ولم تستجب وزارتا الخارجية والدفاع فورًا لطلبات التعليق.
ويأتي الاستخدام المحتمل لليبيا كوجهة، بعد أن أثارت الإدارة ضجة سابقة بترحيلها مجموعة من الفنزويليين إلى السلفادور، حيث يُحتجزون في سجن شديد الحراسة مخصص للإرهابيين.
وقد وصف الرئيس ترامب ومساعدوه هؤلاء الرجال بأنهم أعضاء في عصابات عنيفة، واستشهدوا بقانون نادر الاستخدام في زمن الحرب في عمليات طردهم، وهي خطوة طُعن فيها في المحاكم.
ويأتي قرار توجيه المهاجرين إلى ليبيا في وقت تحذر فيه وزارة الخارجية الأمريكية من السفر إلى هناك: “بسبب الجريمة، والإرهاب، والألغام الأرضية غير المنفجرة، والاضطرابات المدنية، والاختطاف، والصراع المسلح”.
ولا تزال البلاد منقسمة بعد سنوات من الحرب الأهلية التي أعقبت الإطاحة بالديكتاتور معمر القذافي عام 2011. وتحكم حكومة معترف بها من قبل الأمم المتحدة في طرابلس، غرب ليبيا، بينما تسيطر حكومة أخرى في بنغازي بقيادة أمير الحرب خليفة حفتر على الشرق.
ولدى الولايات المتحدة علاقات رسمية فقط مع حكومة طرابلس. لكن نجل حفتر، صدام، كان في واشنطن، الأسبوع الماضي، والتقى بعدد من مسؤولي إدارة ترامب.
وكان لترامب تعاملات ودّية في ولايته الأولى مع حفتر، الذي يسيطر على معظم حقول النفط الليبية المربحة.
وتُعدّ ليبيا نقطة عبور رئيسية للمهاجرين المتجهين إلى أوروبا، حيث تدير العديد من مراكز احتجاز اللاجئين والمهاجرين.
وقد وصفت منظمة “أمنستي إنترناشونال” هذه المراكز بأنها “مروعة” و”جحيم”، في تقرير صدر عام 2021، والذي كشف عن أدلة على “عنف جنسي ضد الرجال والنساء والأطفال”.
ويقول مشروع الاحتجاز العالمي إن المهاجرين المحتجزين في ليبيا يتعرضون “لمعاملة بدنية سيئة وتعذيب”، إلى جانب عمالة السخرة، وحتى العبودية.
وفي تقريرها السنوي حول ممارسات حقوق الإنسان، العام الماضي، أشارت وزارة الخارجية الأمريكية إلى ظروف “قاسية ومهددة للحياة” في مراكز الاحتجاز الليبية، ووجدت أن المهاجرين في تلك المرافق، بمن فيهم الأطفال، “لا يستطيعون الوصول إلى محاكم الهجرة أو الإجراءات القانونية الواجبة”.
وتقول جماعات حقوق الإنسان إن الحكومات الأوروبية متواطئة في هذه المعاملة، من خلال عملها مع ليبيا لاعتراض المهاجرين المتجهين إلى القارة، وإعادتهم إلى مراكز الاحتجاز.
وقال فريدريك ويهري، الخبير في شؤون ليبيا في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: “لقد زرت سجون المهاجرين هذه، وهي ليست مكانًا مناسبًا للمهاجرين. إنها ببساطة مكان مروع لإلقاء أي شخص ضعيف فيه”.
وفي وقت سابق من هذا العام، رحّلت إدارة ترامب مئات الأشخاص إلى بنما من دول في نصف الكرة الشرقي، بما في ذلك إيران والصين. واحتُجز المهاجرون، الذين قالوا إنهم لا يعرفون وجهتهم، في فندق، لعدة أيام، قبل نقلهم إلى معسكر قرب الغابة. وأُطلق سراح بعض المهاجرين لاحقًا من الحجز البنمي.
وفي الوقت نفسه تقريبًا، رحّل مسؤولون أمريكيون أيضًا مجموعة من حوالي 200 مهاجر إلى كوستاريكا من دول في نصف الكرة الشرقي، بما فيها إيران. وجادلت دعوى قضائية رُفعت ضد الدولة بأن عمليات الترحيل والاحتجاز اللاحق في كوستاريكا “قد تُسبّب ضررًا لا يُمكن إصلاحه” لمجموعة من الأطفال الذين أُرسلوا إلى البلاد.
روبيو: أعتزم مواصلة السعي لتحديد دول أخرى مستعدة لاستقبال وسجن أكبر عدد ممكن من أعضاء العصابات
وبعد أن أبرمت الولايات المتحدة صفقة مع السلفادور لاستقبال المهاجرين الفنزويليين وسجنهم، قال وزير الخارجية ماركو روبيو إنه يعمل على إبرام اتفاقيات مماثلة مع دول أخرى.
وقال روبيو لصحيفة “نيويورك تايمز”: “أعتزم مواصلة السعي لتحديد دول أخرى مستعدة لاستقبال وسجن أكبر عدد ممكن من أعضاء العصابات”.
يأتي الاستخدام المخطط لطائرة عسكرية في الرحلة المتجهة إلى ليبيا بعد أن ساعدت وزارة الدفاع في نقل مهاجرين إلى وجهات مثل الهند وغواتيمالا والإكوادور.
وفي أواخر آذار/مارس، نقل مسؤولون من وزارة الدفاع مجموعة من المهاجرين الفنزويليين جوًا إلى السلفادور، دون مرافقة أي موظف من وزارة الأمن الداخلي لهم على متن الطائرة، وفقًا لسجلات المحكمة.
وانطلقت الرحلة من خليج غوانتانامو في كوبا إلى السلفادور، وكان على متنها أربعة فنزويليين. وأشار ملف حكومي إلى أن وزارة الأمن الداخلي لم “تُوجّه” الطائرة للإقلاع إلى السلفادور.