الوثيقة | مشاهدة الموضوع - بمسيرات تكلف الواحدة منها ألف دولار .. الهجوم الأوكراني المدمر لـ40 طائرة روسية “درس للغرب”
تغيير حجم الخط     

بمسيرات تكلف الواحدة منها ألف دولار .. الهجوم الأوكراني المدمر لـ40 طائرة روسية “درس للغرب”

القسم الاخباري

مشاركة » السبت يونيو 07, 2025 8:11 am

3.jpg
 
كييف ـ من إيما بوروز

كانت الأهداف طائرات حربية روسية، بما في ذلك قاذفات استراتيجية وطائرات قيادة وتحكم، تبلغ قيمتها مئات الملايين من الدولارات. أما الأسلحة فكانت طائرات مسيرة أوكرانية، لا تتجاوز تكلفة الواحدة منها ألف دولار، وأطلقت من حاويات خشبية محمولة على شاحنات.

ولم تكن “عملية شبكة العنكبوت”، التي قالت أوكرانيا أإنها أسفرت يوم الأحد عن تدمير أو إلحاق أضرار بأكثر من 40 طائرة استراتيجية كانت متوقفة في قواعد جوية روسية، مجرد ضربة لهيبة الكرملين، بل كانت أيضا جرس إنذار للغرب لتعزيز أنظمة الدفاع الجوي ضد مثل هذا النوع من الحروب الهجينة بالطائرات المسيرة، وفقا لخبراء عسكريين.

واستفادت أوكرانيا من تكنولوجيا الطائرات المسيرة منخفضة التكلفة، والتي تطورت بسرعة خلال العقد الأخير، ودمجتها مع تفكير خارج الصندوق لتحقيق انتصار يرفع المعنويات في حرب مستمرة منذ ثلاث سنوات، باتت تميل الكفة فيها مؤخرا لصالح موسكو.

ولا يزال مدى تأثير الهجوم على العمليات العسكرية الروسية غير واضح. فبينما قدرت كييف الخسائر بنحو 7 مليارات دولار، شككت وزارة الخارجية الروسية في هذا الرقم، ولم تصدر بعد تقييمات مستقلة. ولا تزال موسكو تمتلك طائرات كافية لمواصلة شن هجماتها بالصواريخ والقنابل على أوكرانيا.

ومع ذلك، أظهرت العملية ما وصفه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأنه “صورة الحرب الحديثة الحقيقية، ولماذا من المهم جدا مواكبة التطور التكنولوجي”..

أين تكمن هشاشة الغرب

بالنسبة للحكومات الغربية، يشكل ذلك تحذيرا بأن “طيف التهديدات التي سيتعين عليها أخذها في الاعتبار لا يكف عن الاتساع”، بحسب دوجلاس باري، الزميل البارز في شؤون الفضاء العسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن..

وخلال العقد الماضي، اتهمت دول أوروبية روسيا بشن حملة تخريب ضد الغرب، استهدفت فيها مسؤولين في قطاع الدفاع وشركات لوجستية وشركات مرتبطة بأوكرانيا. وشوهدت طائرات مسيرة مجهولة الهوية خلال العام الماضي تحلق بالقرب من قواعد عسكرية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا، وكذلك فوق مصانع أسلحة في النرويج.

وتعد الأسلحة عالية القيمة والتكنولوجيا المتقدمة في تلك المواقع “أهدافا مغرية وكبيرة لكل من الجهات الحكومية وغير الحكومية”، بحسب كايتلين لي، الخبيرة في حرب الطائرات المسيرة في مؤسسة “راند” بواشنطن.

وأضافت: “الوقت المناسب للاستثمار في الدفاع ضد الطائرات المسيرة هو الآن”.

وتشمل الخيارات منخفضة التكلفة لحماية الطائرات استخدام ملاجئ مدرعة، أو توزيع الأهداف على قواعد مختلفة، أو تمويهها أو حتى بناء نماذج وهمية للخداع.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن الشهر الماضي عن برنامج “القبة الذهبية” بقيمة 175 مليار دولار، يستخدم أسلحة تعتمد على الفضاء لحماية البلاد من الصواريخ بعيدة المدى.

لكن لم يذكر شيء عن الدفاع ضد الطائرات المسيرة، والتي تقول لي إنها تمثل تحديا، لأنها تحلق على ارتفاعات منخفضة وبسرعات بطيئة، ما يجعلها تبدو على شاشات الرادار كأنها طيور. كما يمكن إطلاقها من داخل حدود الدولة، خلافا للصواريخ الأسرع من الصوت التي تطلق من خارجها.

وقال فابيان هينز، الخبير في شؤون الصواريخ والباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إن الطائرات المسيرة “تزيد بشكل كبير من قدرة دولة أو جهة معادية على تنفيذ أعمال تخريب جسيمة”.

وتساءل: “كم عدد الأهداف الموجودة في بلد ما؟ وإلى أي مدى يمكن الدفاع عن كل واحد منها ضد تهديد من هذا النوع؟”.

النهج المبتكر وغير التقليدي لأوكرانيا

في “عملية شبكة العنكبوت”، قالت أوكرانيا إنها هربت طائرات مسيرة من نوع “فيرست بيرسون فيو” إلى داخل روسيا، حيث وضعت في حاويات خشبية، ثم نقلت بواسطة شاحنات إلى مواقع قريبة من قواعد جوية في منطقة إيركوتسك بسيبيريا، ومنطقة مورمانسك في القطب الشمالي، ومنطقة آمور في أقصى الشرق، بالإضافة إلى قاعدتين في غرب روسيا.

وأفاد جهاز الأمن الأوكراني بأن هذه الطائرات المسيرة كانت مزودة بقدرات عالية على الأتمتة، حيث جرى توجيهها جزئيا من قبل مشغل بشري، وجزئيا باستخدام الذكاء الاصطناعي، الذي تولى قيادة الطائرات على مسارات مخططة مسبقا في حال فقدان الاتصال. ومثل هذه التقنية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، كانت على الأرجح غير متاحة لأوكرانيا قبل خمس سنوات فقط.

وأظهر مقطع فيديو نشره جهاز الأمن الأوكراني طائرات مسيرة وهي تحلق فوق وتحت طائرات روسية، كان بعضها مغطى بإطارات سيارات. ورجح خبراء أن الإطارات قد تكون استخدمت لتشويش أنظمة الاستهداف الآلية عبر تشتيت ملامح الطائرة، أو لتوفير نوع من الحماية البدائية.

وقال دوغلاس باري: “الطريقة التي جمعت بها أوكرانيا كل هذه العناصر كانت مبتكرة، ومن الواضح أنها فاجأت الروس تماما”.

وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية التي حللتها وكالة أسوشيتد برس تدمير سبع قاذفات على المدرج في قاعدة بيلايا الجوية في إيركوتسك، وهي منشأة رئيسية في قوات القاذفات بعيدة المدى الروسية. ويبدو أن ثلاث قاذفات من طراز “تو95-” ذات المحركات التوربينية الأربعة، وأربع قاذفات من طراز “تو22-إم” ذات المحركين الأسرع من الصوت، قد دمرت.

ومنذ بداية الغزو الروسي الشامل في عام 2022، اعتمد الجيش الأوكراني، رغم تفوق روسيا العددي والناري، على نهج إبداعي في خوض الحرب. إذ نشر مجسمات خشبية تحاكي منظومات الدفاع الجوي الأمريكية “هيمارس” لاستدراج الضربات الصاروخية الروسية، وشكل وحدات مضادة للطائرات المسيرة تعمل من على شاحنات صغيرة، وأعاد استخدام أسلحة تم الاستيلاء عليها.

وقارن خبراء الهجوم الأوكراني الأخير بعملية نفذتها إسرائيل العام الماضي، انفجرت خلالها أجهزة نداء (بيجر) يستخدمها عناصر من حزب الله بشكل متزامن تقريبا في لبنان وسوريا. كما استخدمت إسرائيل طائرات مسيرة صغيرة مفخخة لضرب أهداف في لبنان وإيران.

أما الولايات المتحدة، فقد استخدمت طائرات “بريديتور” المسيرة قبل أكثر من عقد لقتل متمردين في أفغانستان من مسافات تبعد آلاف الأميال. وقد جعل تطور التكنولوجيا هذه القدرات متاحة الآن في طائرات مسيرة أصغر حجما.

وقارن هينز حالة الحرب بالطائرات المسيرة بمرحلة تطوير الدبابة، التي ظهرت لأول مرة عام 1916 خلال الحرب العالمية الأولى، حيث سعى المهندسون آنذاك لمعرفة أفضل طريقة لدمج الدبابات في سيناريو ميداني فعال، وتراوحت الأفكار من مركبات صغيرة إلى أخرى ضخمة “بـ18 برجا” قبل أن يستقروا على النموذج المستخدم في الحرب العالمية الثانية.

أما فيما يتعلق بالطائرات المسيرة، فقال: “نحن لا نزال في طور اكتشاف هذا الأمر، والتغيرات تحدث بسرعة كبيرة لدرجة أن ما ينفع اليوم قد لا ينفع غدا”.

تأثير الهجوم على العمليات الروسية في أوكرانيا

قال هينز، خبير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إن قاذفات “تو95-” التي أصيبت بضربات أوكرانية تعد “غير قابلة للاستبدال فعليا” لأنها لم تعد تنتج. وأضافت أوكرانيا أنها أصابت أيضا طائرة من طراز “أ50-” للإنذار المبكر والسيطرة، وهي مشابهة لطائرات “أواكس” الغربية التي تنسق الهجمات الجوية، وروسيا لا تملك منها إلا عددا قليلا جدا.

وقال توماس ويذينجتون، من المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن: “بغض النظر عن الطريقة التي تنظر بها إلى الوضع، فإن الأمر يتطلب نفقات كبيرة من جانب روسيا. بإمكانك أن ترى المليارات تتراكم”.

وأوضح أن روسيا ستضطر إلى إصلاح الطائرات المتضررة، وتأمين طائراتها المتبقية بشكل أفضل، وتحسين قدرتها على إحباط مثل هذه العمليات. وأشار خبراء آخرون إلى أن هذه الضربات قد تدفع موسكو إلى تسريع برنامجها لاستبدال طائرات “تو95-“.

ورغم ما تكشفه العملية من نقاط ضعف روسية، من غير الواضح ما إذا كانت ستؤدي إلى تقليل الغارات الجوية على أوكرانيا.

وركزت روسيا على محاولة استنزاف الدفاعات الجوية الأوكرانية باستخدام الطائرات المسيرة طوال فترة الحرب، بما في ذلك استخدام نماذج وهمية من دون رؤوس حربية. وفي بعض الليالي خلال الشهر الماضي، أطلقت موسكو أكثر من 300 طائرة مسيرة.

وقالت كايتلين لي: “حتى لو تمكنت أوكرانيا من إلحاق الضرر بجزء كبير من أسطول القاذفات الروسي، فليس من الواضح تماما أن هذا الأسطول كان يشكل عنصرا محوريا في الحرب في هذه المرحلة”.

وتظهر بيانات سلاح الجو الأوكراني، التي حللتها وكالة أسوشيتد برس، أنه بين يوليو/تموز وديسمبر/كانون الأول 2024، استخدمت روسيا قاذفات “تو22-إم3″ و”تو95-” ضد أوكرانيا في 14 مناسبة فقط، بينما استخدمت الطائرات المسيرة تقريبا كل ليلة.

وأضافت لي أن عملية يوم الأحد قد تقلل مؤقتا من قدرة روسيا على تنفيذ هجمات صاروخية استراتيجية، لكنها على الأرجح ستجد طرقا للتعويض عن ذلك.

(أ ب)
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى الاخبار