الوثيقة | مشاهدة الموضوع - إغلاق مضيق هرمز… خيار أخير في مواجهة مشاركة واشنطن المباشرة في العدوان على إيران
تغيير حجم الخط     

إغلاق مضيق هرمز… خيار أخير في مواجهة مشاركة واشنطن المباشرة في العدوان على إيران

مشاركة » الأحد يونيو 22, 2025 2:04 am

7.jpg
 
يترقب الجميع ما ستؤول إليه الحرب بين إسرائيل وإيران مع انطلاق جهود دبلوماسية متواضعة لإيجاد المخارج من مواجهة عسكرية يزداد احتمال فقدان اللاعبين فيها السيطرة على سرعة توسعها مع كل يوم من الضربات المتبادلة. وفي حين أبدت إيران مراراً استعدادها العودة إلى طاولة المفاوضات فور انتهاء العدوان الإسرائيلي ضدها، يصر الاحتلال على مواصلة هجماته حتى يقنع الولايات المتحدة بالمشاركة المباشرة عبر قصف منشأة فوردو المحصنة، ما سيعني رسمياً دخول واشنطن الحرب وجعل مواقعها العسكرية في المنطقة هدفاً للحرس الثوري الذي لا خيار له سوى الرد على الاعتداءات لما يقتضيه الاستسلام من تبعات على أمن إيران القومي وعلى قدرة نظام الحكم على الاستمرار.

وتحتفظ إيران بورقة إضافية في حال قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دخول الحرب وهي ما قد لوح مسؤولون إيرانيون خلال الأيام الماضية باحتمال تفعيلها، وهي إغلاق مضيق هرمز. وأكد، منذ أيام، بهنام سعيدي، عضو هيئة رئاسة لجنة الأمن القومي، امتلاك إيران خيارات متعددة للرد على أي هجوم أمريكي، من ضمنها منع الملاحة في المضيق. وشدد على أن طهران «تتصرّف بناءً على تطورات المشهد، وستستخدم أدوات الضغط حين تقتضي الحاجة»، حسبما نقلته عنه وكالة «مهر». في الأثناء، أكد النائب علي يزديخاه بأن إيران لن تمسّ بحرية الملاحة إلا في حال تم الاعتداء على مصالحها الأساسية، مؤكداً أن المشاركة الأمريكية المباشرة في العدوان الإسرائيلي «سيمنح طهران كامل الحق في التصعيد واستخدام أوراقها».
مضيق هرمز هو ممر مائي ضيق يربط الخليج الفارسي بخليج عمان وبحر العرب. في أضيق نقاطه، يبلغ عرض المضيق حوالي 21 ميلاً، ويضم مسارين ملاحيين بعرض ميلين لكل اتجاه. ويُشرف المضيق على نقل حوالي 26 في المئة من تجارة النفط العالمية، ما يجعله أحد أهم الممرات البحرية من الناحية الاستراتيجية في العالم. وتشير الوكالة الدولية للطاقة إلى أن أي اضطراب في تدفق النفط عبر المضيق ستكون له عواقب كبيرة على أسواق النفط العالمية. وتزامناً مع طرح طهران خيار إغلاق المضيق، ارتفعت أسعار خام برنت، خلال الأيام الماضية، لتقترب من 79 دولارا للبرميل قبل أن تتراجع إلى 77.5 دولار عند إغلاق الأسواق الجمعة. ويشير المحللون إلى أن أي إغلاق مؤقت للمضيق قد يؤدي إلى صعود الأسعار بين 8.25 و31.25 دولار للبرميل. وفي حال استمر الإغلاق لفترات أطول قد يتجاوز سعر الخام 100 دولار وصولاً إلى نطاق 150 دولارًا للبرميل، خاصة بحكم أن ذلك سيترافق مع تصعيد عسكري واسع في المنطقة. وقد نرى هذه الأسعار خلال فترة زمنية أقصر في حال قررت جماعة أنصار الله في اليمن دعم القرار الإيراني عبر تعطيل الملاحة في البحر الأحمر. ونقلت وكالة «الأناضول» عن الخبير الاقتصادي عامر الشوبكي أن ذلك سيمثل صدمة مزدوجة للاقتصاد العالمي ويدفع البنوك المركزية لإعادة النظر في سياساتها النقدية. ويتوقع الخبراء أن هذا النوع من الارتفاع في تكاليف الطاقة من شأنه أن ينعكس على كلفة النقل والإنتاج والتجارة الدولية ما سيعني حتماً أن الاقتصاد العالمي سيشهد تباطؤاً ملحوظاً قد يتحول إلى ركود، مع تزايد الضغوط التضخمية.
وإلى جانب حتمية المواجهة مع القوات الأمريكية في الخليج، ستدفع إيران ثمن الإغلاق على المستوى الاقتصادي أيضاً، مع اعتماد حوالي 65 في المئة من إيراداتها الحكومية وما يقارب 8 في المئة من ناتجها المحلي على تدفق النفط عبر المضيق. وقد وصف خبراء الخيار الإيراني بإغلاق المضيق بـ«الانتحار الاقتصادي»، إلا أنه قد يكون أمامها خيار استخدام خط أنابب قورة-جاسك للتعويض بشكل جزئي إذ يقدر بأنه قادر على نقل حوال مليون برميل يومياً، ما يعادل نصف ما تضخه إيران إلى السوق في الوقت الحالي بسبب العقوبات. كما أنها قد توجه جهوداً متزايدة نحو التصدير عبر ميناء تشابهار، جنوب شرقي إيران، وقطار تشابهار–زاهدان للوصول إلى المحيط الهندي من دون المرور بالمضيق، إلا أن هذه المشاريع لا تزال في مراحل مبكرة.
وفي حال قررت إيران إغلاق المضيق فإنها ستتوجه غالباً، حسب صحيفة «نيويورك تايمز»، إلى تلغيم المضيق أو زرع ألغام بحرية، حسبما نقلته عن مسؤولين أمريكيين. وحسب التقديرات، تملك إيران حوالي 6000 لغم بحري وبإمكانها نشر المئات منها بوتيرة يومية، ما من شأنه ليس فقط شل الملاحة فورياً إلا أنه سيصعب المهمة على القوات الأمريكية لتأمين المضيق. إلى جانب الألغام، تملك إيران أنظمة صواريخ مضادة للسفن مثل «خليج فارس»، وغواصات صغيرة، وزوارق سريعة مسلحة، وطائرات مسيّرة مثل «شاهد» الانتحارية.
وبحكم أن خياراً كهذا سيثير ردودا عالمية تعيد إلى الأذهان مشهد تموضع القطع البحرية الأمريكية والأوروبية في البحر الأحمر وقت إغلاق أنصار الله باب المندب مساندة لغزة، يرى محللون أنه قد تلجأ إيران بداية إلى «تكتيكات رمادية» كمضايقة بعض السفن، وإعلان مناطق أمنية ومهاجمة ناقلات مفردة. في المقابل، قد يرى الإيرانيون في الحذر خطأً استراتيجياً خاصة في مواجهة التصعيد اللامتناهي من قبل إسرائيل وحليفتها.
الشيء مؤكد هو أن إيران لن تقدم على هكذا خطوة إلا في حال وضعت في موقف مواجهة مع عدوان ثنائي من قبل إسرائيل والولايات المتحدة. وفي حين أن افتقار فريق ترامب للخبرة في إدارة الأزمات العسكرية وقلة إلمام بعض المؤثرين عليه بمداخل تاريخ المنطقة وبنيتها الجيوسياسية، وتاريخ التدخلات الأمريكية فيها، قد يعني أن حصة معتبرة منهم يرددون في آذان ترامب أوهام نتنياهو حول ضربة محدودة قد تنهي الحرب بشكل آني، إلا أن تداول الإعلام الأمريكي خلال الأيام الماضية وجود خلافات شديدة داخل الإدارة الأمريكية حول تبعات التدخل، ما ينعكس في تصريحات ترامب التي تبدو أحياناً أبوكاليبتية وأحياناً أخرى وكأن التلويح بهذا الخيار ليس سوى ورقة الضغط.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات