الوثيقة | مشاهدة الموضوع - رفض في العراق لتحويل «جبل أُحد» إلى مستشفى: يحمل رمزية ثورية
تغيير حجم الخط     

رفض في العراق لتحويل «جبل أُحد» إلى مستشفى: يحمل رمزية ثورية

مشاركة » الجمعة أغسطس 22, 2025 4:04 am

4.jpg
 
بغداد ـ «القدس العربي»: وجّه عدد من ذوي ضحايا حراك تشرين (أكتوبر) الاحتجاجي، رسالة إلى السفير الإيطالي في العراق، نيكولو فونتانا، طالبوا فيها بعدم المضي في مشروع تحويل مبنى «المطعم التركي» الواقع في ميدان التحرير- مركز الاحتجاج الأبرز وسط العاصمة بغداد، إلى مستشفى من خلال شركة إيطالية استثمارية، محذرين من أن ذلك يمثل «طمساً لذاكرة إنسانية ووطنية وثقافية».
ويحمل المطعم التركي أو ما بات يعرف محلياً بـ«جبل أحد»، رمزية لدى النشطاء والمشاركين في احتجاجات أكتوبر 2019 التي أطاحت بحكومة رئيس الوزراء العراقي الأسبق، عادل عبد المهدي، وأجبرته على تقديم استقالته.
وكان المبنى المشيّد في قلب ميدان التحرير، يمثّل مرصداً للمحتجين الذين شغلوه وتمركزوا فيه إبان الاحتجاجات، لكونه مطلا على «المنطقة الخضراء» الحكومية شديدة التحصين، على الضفّة الأخرى من نهر دجلة.
وجاء في نص الرسالة المُتداولة بشكلٍ واسع على منصّات التواصل الاجتماعي، أنه «على مدى عقود جمعت بين العراق وإيطاليا علاقات إيجابية وعميقة، لم تقتصر على المجال الاقتصادي والنفطي، بل شملت الثقافة والفنون والآثار والقيم الروحية والدينية. فقد كان لإيطاليا دور محوري في تكوين أجيال من الفنانين العراقيين الكبار، وفي مقدمتهم فنان العراق الأبرز جواد سليم، صاحب نصب الحرية الذي تتوسط جداريته ساحة التحرير».
وأضاف البيان: «لعل سعادتكم تعلمون أن هذا العمل الخالد قد نُفذ وصُب في فلورنسا قبل أن ينقل إلى بغداد، ليصبح رمزاً وطنياً لجميع العراقيين».
وتساءلوا «هل تعلمون أن انتفاضة تشرين أطول انتفاضة سلمية في تاريخ العراق الحديث، شهدت سقوط ما يقارب 700 شهيد وآلاف الجرحى والمعاقين والمفقودين، وأدت إلى إسقاط حكومة جائرة؟»، مشيرين إلى أنه «رغم مرور ست سنوات على حدوثها، فإن القتلة لا يزالون بلا محاسبة».
ولفت البيان إلى أن «هناك محاولات تبذل اليوم لطمس ذاكرة المكان، تحت ذريعة إنشاء مستشفى في موقع لا يصلح لذلك، سواء من الناحية المكانية أو من حيث وظيفة المبنى»، فضلاً عن أن «المنطقة تحمل قيمة رمزية وثقافية وفنية ووطنية ينبغي الحفاظ عليها وتنميتها».

ذوو ضحايا احتجاجات أكتوبر وجّهوا رسالة لسفير إيطاليا

وأوضح ذوو الضحايا في بيانهم أنه كانت «لإيطاليا على الدوام مبادرات مشرفة في دعم الثقافة العراقية، ومنها إعادة ترميم المتحف العراقي بعد الخراب الذي لحق به عام 2003، وإرسال فرق آثارية عديدة للتنقيب والكشف عن قيمة أرض سومر وبابل وآشور الحضارية إلى كل العالم».
وتساءل الموقعون على البيان «كيف يمكن لبلد ذي سجل ثقافي وإنساني رفيع مثل إيطاليا أن يرتبط اسمه، من خلال إحدى شركاته، بمشروع يثير الريبة ويمس صرحاً وطنياً وثقافياً عراقياً مهماً، ويشارك ـ ولو عن غير قصد ـ في مناورة طمس الذاكرة الجمعية والإنسانية والوطنية للعراقيين؟».
وأكدوا: «إننا لا نتمنى لبلدكم أن يُذكر اسمه في العراق مقروناً بمشروع مشبوه، غايته إخفاء معالم مكان كان شاهداً على تضحيات آلاف الشباب والشابات المسالمين. ذلك المبنى المعروف شعبياً بـ(المطعم التركي) تحوّل خلال الانتفاضة إلى رمز للمقاومة السلمية، قبل أن تحوله الميليشيات إلى مسرح لانتهاكات مروعة».
وتابعوا أنه «ها هو اليوم مهدد بمساعدة شركة إيطالية بأن يُعاد طلاؤه ليُقدم للعالم على أنه مستشفى، بينما الحقيقة هي محاولة منظمة لطمس الذاكرة والمكان والفضاء العام»، لافتين إلى أن «الحكومة السابقة كانت قد وافقت على أن يكون هذا الموقع متحفاً لشهداء الاحتجاجات الشعبية (انتفاضة تشرين)».
الموقعون ختموا رسالتهم بالقول: «سعادة السفير، كونوا كما عهدنا الإيطاليين، أوفياء لقيم حقوق الإنسان، والعدالة، وحرية التعبير، وجماليات المكان»، مؤكدين تطلعهم إلى «استمرار التعاون بين العراق وإيطاليا على أساس المصلحة المشتركة واحترام قيم شعبينا، لا أن تُلطخ سمعة بلدكم العريق، ولو عرضاً، بجرائم قتل مئات الشباب المسالمين من قبل الميليشيات وقطعان الموت والمنظمات الإجرامية».
في نيسان/ أبريل الماضي، أحالت أمانة بغداد بناية «المطعم التركي» المطلة على ساحة التحرير والمقابلة لجدارية نصب الحرية عند طلعة جسر الجمهورية المؤدي إلى «المنطقة الخضراء»، التي اتخذها المحتجون خلال تظاهرات تشرين مركزاً رئيسياً للاحتجاج، إلى الاستثمار، في تحرك سريع ومفاجئ، رغم أن المبنى كان مقرراً تحويله إلى متحف لشهداء التظاهرات.
وفي نهاية تموز/ يوليو الماضي، أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، انطلاق الأعمال التنفيذية لما سُمي بـ«المستشفى الإيطالي» مبنى «المطعم التركي» سابقاً في بغداد.
ومما أكسب هذا المبنى أهمية إضافية للمتظاهرين، هو وضع إذاعة في أعلى قمّته لبث الأناشيد الوطنية الحماسية، وإذاعة المواقف المُمثلة للمحتجين إزاء أي موقف حكومي، قبل أن تسيطر عليه جماعة عُرفت بـ«أصحاب الخوذ الزرقاء»، تمثل أتباع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وحوّلته لمنصّة لها تبث «تدوينات» الصدر حينها، ومواقفه من التظاهرات، لينتهي الأمر بتسليم المبنى لقوات الأمن وفضّ الاحتجاجات نهائياً في أواخر 2020.
ووفق بيانات أممية وحقوقيةـ فإن الحراك الاحتجاجي خلّف أكثر من 600 قتيل وعشرات آلاف الجرحى، نتيجة القمّع المُفرط لقوات الأمن، فضلاً عن تغييب عشرات الناشطين والمدوّنين.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron