يحذر ستة مراقبين من العراق وإيران ولبنان واليمن وفلسطين وروسيا، من أن التصعيد في منطقة الشرق الأوسط – غير المستقرة أساساً – قد “ينفجر في أي لحظة” وعلى جميع الجبهات بعد دخول المنطقة في “مرحلة حساسة وخطيرة” عقب الاستهداف الأخير في اليمن الذي “غير قواعد الاشتباك”.
وشنت إسرائيل ضربات كبيرة وواسعة على العاصمة اليمنية صنعاء، يوم الخميس الماضي (28 آب/ أغسطس الجاري)، أدت إلى مقتل رئيس حكومة حركة أنصار الله (الحوثيون) وعدد من الوزراء أيضاً، فيما توعدت الجماعة إسرائيل بالرد بـ”ضربات نوعية وقاسية”.
وهذا ما يتوقعه السياسي اليمني، حامد البخيتي، بالقول إن وتيرة العمليات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية “ستتصاعد خلال الأيام المقبلة”، مع مواصلة الدعم لسكان غزة لـ”إيقاف حرب الإبادة، سواء في منع السفن الإسرائيلية بالوصول إلى إسرائيل، أو بإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة نحوها”.
وفي ظل هذا السيناريو، يبدو أن منطقة الشرق الأوسط قد دخلت “مرحلة حساسة وخطيرة عنوانها (التصعيد الكبير) وعلى جميع المستويات”، خصوصاً بعد إعلان الحوثيين أن استهداف الحكومة “يشكل تجاوزاً كبيراً على الخطوط الحمراء”، وفق خبير العلاقات الدولية من مدينة رام الله الفلسطينية، أشرف عكة.
ويتوقع عكة أن اليمن يستعد حالياً لـ”ضربة كبيرة على إسرائيل، مما قد تؤدي إلى إرباك المشهد داخلها، وكذلك الحسابات الأمريكية، وبالتالي تعطيل تصفية القضية الفلسطينية، واستمرار الحرب في غزة”.
ومن المؤشرات التي تنذر بتوسع الصراع في المنطقة، يرى أنها تتمثل “باستمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان رغم وقف إطلاق النار الهش، وإصرار الحكومة على نزع سلاح حزب الله الذي يرفضه، وما يحصل في الجنوب السوري من توغل إسرائيلي ومحاولة فرض منطقة آمنة، رغم مساعي دمشق للاتفاق مع تل أبيب أمنياً”.
ويضيف، كما أن “السياسة الإسرائيلية الاستفزازية تجاه مصر والأردن واليمن ولبنان، فضلاً عن سوريا التي تؤثر على التوازن الإقليمي وعلى الدور التركي فيها، يرافق كل ذلك استمرار التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وإيران ومخاطر اندلاع الحرب مجدداً بينهما، جميع هذه ترجح توسعاً في الصراع”.
خصوصاً أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل تنطلقان، بحسب عكة، من قاعدة أن “إسرائيل دولة إقليمية إمبريالية على طريقة الهيمنة الإقليمية، وهذا ما لا تقبل به جميع دول المنطقة والعالم”.
مما قد يقود المشهد الإقليمي إلى “التصعيد على جميع الجبهات”، وفقاً للكاتب اللبناني، مرتضى سماوي، مبيناً أن الجيش الإسرائيلي دخل غزة للسيطرة على القطاع، ولبنان ينتظر “أياماً ساخنة في ظل إصرار الدولة على نزع سلاح المقاومة”، وإيران تستعد لجولة جديدة من المواجهة مع إسرائيل في ظل إعادة عقوبات الأمم المتحدة عليها.
ويعتبر سماوي أن هذه المؤشرات تشير إلى “احتقان قابل للانفجار في أي لحظة”، في حين أن إسرائيل لن تتراجع في تحقيق أهدافها بـ”القضاء على محور المقاومة المستنزف”، وبدعم أمريكي غير محدود على المستويين العسكري والسياسي، مما يتصدى لكل الضغوطات الدولية.
أما موقف “محور المقاومة المستنزف”، وفق تعبير مرتضى سماوي، يبين المحلل السياسي الإيراني، سعيد شاوردي، أن “مشروع المقاومة هو لمواجهة المشروع الإسرائيلي، ورغم التضحيات في لبنان وفلسطين وإيران واليمن والعراق، إلا أنها لن تؤدي إلى الهزيمة في النهاية”.
ويرى شاوردي أن الخسائر في الحرب مع إسرائيل “أمر طبيعي كما في جميع الحروب، لكن هذه الدماء تولد المزيد من الإصرار على مواصلة الطريق”.
ووفقاً للمحلل الإيراني، فإن “الخسائر مهما بلغت فهي أهون من الخضوع والاستسلام وتفتيت المنطقة إلى دويلات راكعة لإسرائيل، وهذا ما لا تقبل به إيران التي تستعد لحرب جديدة مع إسرائيل، لكنها لن تبدأها بل ستدافع عن نفسها أمام أي عدوان”.
لكن في ظل التصعيد الإسرائيلي الأخير في اليمن، يلاحظ أن “إسرائيل غيرت قواعد الاشتباك باستهداف الحكومة، مما يعني إعلان الحرب المفتوحة على اليمن”، بحسب مدير مركز “جي إس إم” للأبحاث والدراسات في موسكو، آصف ملحم.
ويشير ملحم إلى أن “حركات المقاومة سواء حماس الفلسطينية، أو حزب الله اللبناني، أو الحوثيين اليمنيين، أو الحشد الشعبي العراقي، هي تنتمي إلى تيارات إسلامية تشترك في محاربة إسرائيل والدفاع عن فلسطين، رغم اختلافها أيديولوجياً”.
ومع هذه المعطيات، يتوقع ملحم أن “مشاركة العراق واردة للغاية، بالعودة إلى وحدة الساحات والمحاور، والقصف تجاه إسرائيل، خصوصاً أن الحشد الشعبي شارك في هكذا أعمال سابقاً، وبالتالي قد يتم توريط العراق بشكل أو بآخر في مواجهة مباشرة مع إسرائيل”.
ويضيف أن “هذا التصعيد يتزامن مع شعور داخل إسرائيل على المستوى الشعبي والرسمي، بأن إسرائيل أمام حرب وجودية، ما يضع المنطقة أمام تطور خطير”.
ويأتي هذا الصراع في مشهد مختلف هذه المرة “بعد أن فقدت محاور المقاومة بما تسمى (الأذرع الإيرانية) الكثير من قادتها الرئيسيين الذين كانوا المخططين والمنسقين لإدامة هذه العمليات العسكرية ضد إسرائيل وأمريكا”، وفق الخبير الأمني من بغداد علي المعماري.
ويؤكد المعماري أن “غياب قادة المقاومة عن ساحة الشرق الأوسط له مردود سلبي على (الأذرع) وإيران نفسها، لكن يبقى دور الفصائل العراقية حرجاً للغاية، إذ تقع بين كماشة الاتفاق الاستراتيجي والأمني، وبين الضغوطات الإيرانية”.
ويعتقد المعماري في نهاية حديثه أن “الضغوط الإيرانية تجاه الفصائل العراقية ستضعف تدريجياً بعد استهداف الكثير من قادة المقاومة في المنطقة، أما الحكومة العراقية فهي غير قادرة على فعل شيء سوى نقل ما تقوله الإدارة الأمريكية بأن الفصائل ستواجه الضربات حال مشاركتها في أي تصعيد ضد إسرائيل”.