زيف شيتهل
نية ضم الضفة الغربية وفرض السيادة الإسرائيلية عليها ظهرت في خطوط الحكومة الأساسية وفي الاتفاق الائتلافي مع “الصهيونية الدينية”. منذ تشكيل الحكومة الحالية، لا سيما في ظل الحرب في غزة، وهي تعمل بشكل حثيث على تنفيذ هذا الوعد. في المقدمة سموتريتش، الذي يعد إنجازه الأكبر تشكيل وزارة حكومية جديدة – وزارة الضم – في وزارة الدفاع.
سموتريتش ليس وحده. فمؤخراً، صادقت الكنيست بأغلبية 71 عضواً، مقابل 13 ضد، على إعلان فرض السيادة. الحديث يدور عن خطوة رمزية لا أهمية لها على الأرض. ولكن رئيس الحكومة والوزراء والكثير من أعضاء الكنيست يعملون طوال الوقت على ترسيخ سيطرة إسرائيل في الضفة وتوسيع مشروع الاستيطان فيها بصورة لا يمكن التراجع عنها. ذريعة تسريع خطة فرض السيادة هي عملية الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في الشهر الحالي. تشتمل وزارة الضم التابعة لسموتريتش على “إدارة الاستيطان” التي أقامها، ويقف على رأسها يهودا إلياهو، الذي أعلن في السابق عن استعداده لفرض السيادة خلال 24 ساعة من لحظة اتخاذ القرار. في جلسة لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست التي عقدت في حزيران الماضي، أبلغ عن وجود خطة وبنية تحتية مهنية لفرض السيادة، بما في ذلك أعمال لعدة جهات، تشمل فحص بدائل جغرافية ورسم خرائط وإجراء مسح ميداني وإعداد مشاريع الأوامر كي يوقع عليها الوزراء. وأضاف أن إعداد تطبيق السيادة يجري بالتعاون مع كل الوزارات في الحكومة.
نتنياهو كالعادة، يحافظ على ضبابية ولا يعبر عن دعم علني لعملية فرض السيادة. ولكنه دعا إلى نقاشات في منتديات صغيرة وفي الكابنت
نتنياهو كالعادة، يحافظ على ضبابية ولا يعبر عن دعم علني لهذه العملية. ولكنه دعا إلى نقاشات في منتديات صغيرة وفي الكابنت. الحكومة التي يترأسها مستعدة لعدة سيناريوهات محتملة، بدءاً بالسيناريو الذي عرضه سموتريتش هذا الأسبوع، الذي يشمل 82 في المئة من أراضي الضفة الغربية – مناطق “ب” و”ج”. وحتى سيناريو أكثر تواضعاً، وهو فرض السيادة على غور الأردن. بين السيناريوهين عدد لا يحصى من احتمالية فرض سيادة جزئية في مناطق مختلفة.
نحن، الجمهور الإسرائيلي، نغرق في الظلام بخصوص المستقبل الذي تخططه لنا الحكومة، وهكذا أيضاً الفلسطينيون الذين ستتأثر حياتهم من هذه الخطوة بشكل مباشر.
في الأسبوع الماضي، أغلقت مناطق كاملة في الضفة أمام الحركة بدون أي سبب واضح. الأمر يثير في الفلسطينيين تخوفات من أن الأمر لا يتعلق بخطوة قبل فرض السيادة القريب. هذا يحدث إلى جانب ثورة هيكلية وبيروقراطية للحكومة بشكل أصبحت فيه إسرائيل تسيطر على الضفة، وإلى جانب التغييرات الدراماتيكية التي قامت بها على الأرض، مثل توسيع مشروع الاستيطان، والمصادقة على بؤر استيطانية غير قانونية، وشق شبكة شوارع، وإقامة عدد كبير من بؤر المزارع العنيفة التي أدت إلى طرد قسري وعنيف لعشرات التجمعات الفلسطينية.
إن فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة هو ارتفاع درجة عن واقع الضم غير الرسمي الذي يحدث الآن، الذي يعني إضافة أجزاء محتلة من الأراضي مع سكانها الفلسطينيين إلى أرض إسرائيل السيادية. بكلمات بسيطة، هذه العملية ستجعل دولة إسرائيل دولة أبرتهايد بشكل صريح، تعيش فيها مجموعتان سكانيتان: مواطنون مع حقوق كاملة، ورعايا لا حقوق سياسية لهم، ولا أي حقوق أخرى. الاحتمالية الأخرى التي تم عرضها بدون مواربة في خطة سموتريتش، تتحدث عن “أكبر قدر من الأرض مع أقل قدر من العرب”. أي عملية تطهير عرقي، وترحيل الفلسطينيين من المناطق التي ستضمها إسرائيل إلى كانتونات في مناطق المدن الفلسطينية الرئيسية – حظائر مكتظة، منفصلة عن بعضها جغرافياً وسياسياً.
سموتريتش يعتبره معظم الجمهور شخصاً مسيحانياً خيالياً ومتطرفاً. ولكنه ليس خيالياً فحسب، بل ينفذ أيضاً. فقد أثبت في السنتين الأخيرتين بأنه يجب أخذه على محمل الجد. على خلفية خارطة الكانتونات التي عرضها، كان يرفرف شمعدان دولة إسرائيل واسم وزارة الدفاع، كدليل على مكانته المركزية في الحكومة ومكانة كل المنظومة التي تعمل معه، بما في ذلك وزير الدفاع يسرائيل كاتس.
في المنطقة التي تناقشها خطة سموتريتش ووزارة الدفاع، يعيش الآن أكثر من 2 مليون فلسطيني. في حين يخطط سموتريتش لاجتثاثهم من بيوتهم قسراً؛ أي اجتثاثهم من مئات القرى والبلدات، وحشرهم في مناطق مغلقة، صغيرة ومكتظة. هذه الكانتونات ستكون منفصلة عن بعضها البعض، بحيث لا يمكن حتى إدارة روتين حياة معقول أو علاقات تجارية أو علاقات عائلية مثلاً. سيفرضون على ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة واقعاً فظيعاً، وفقراً وضائقة وانفصالاً، بدون حقوق سياسية أو أفق سياسي أو أفق شخصي.
حتى لو كانت هذه الخطة تظهراً بعيدة المدى ومتطرفة الآن، فقد أصبحنا نعرف الأسلوب – خطة الحد الأعلى الطموحة ربما لن تتحقق بالكامل، لكنها تضع نقطة انطلاق في مكان آخر. هذه هي الخطة الوحيدة الملموسة المعروضة على الجمهور، وستشكل نقطة انطلاق فيما يتعلق بحجم فرض السيادة.
هآرتس 7/9/2025