الوثيقة | مشاهدة الموضوع - فلسطينيون يطالبون بريطانيا بالاعتذار ودفع تعويضات عن جرائم حرب وانتهاكات منذ وعد بلفور
تغيير حجم الخط     

فلسطينيون يطالبون بريطانيا بالاعتذار ودفع تعويضات عن جرائم حرب وانتهاكات منذ وعد بلفور

مشاركة » الاثنين سبتمبر 08, 2025 4:02 pm

1.jpg
 
لندن- “القدس العربي”: قدّمت مجموعة من الفلسطينيين، من بينهم رجل الأعمال منيب المصري، عريضة قانونية تطالب المملكة المتحدة بتحمل مسؤوليتها عن “انتهاكاتها المتكررة للقانون الدولي”، بما في ذلك جرائم الحرب التي ارتكبت خلال الاحتلال البريطاني لفلسطين بين عامي 1917 و1948.

وصلت الوثيقة القانونية المكوّنة من 400 صفحة، والتي أعدها فريق من المحامين والخبراء الإقليميين بقيادة بن إميرسون، يوم الأحد 7 سبتمبر 2025، إلى مقر رئاسة الوزراء، ووزارة الخارجية، ووزارة الدفاع، ومكتب المدعي العام. وهي تسجّل “أدلة دامغة” على أن بريطانيا انتهكت المعايير القانونية الدولية المطبقة آنذاك. وتفصّل إرث بريطانيا “غير المشروع”، بما في ذلك إعلان بلفور عام 1917، وممارستها دور قوة احتلال خلال “الانتداب” الذي منحت نفسها إياه بلا أساس قانوني، وما تلاه من انتهاكات منهجية بحق الشعب الفلسطيني.

وبمناسبة إطلاق حملة “بريطانيا تحمل ديناً لفلسطين”،فإن هذه العريضة تظهر المعاناة الفلسطينية المستمرة التي تعود جذورها مباشرةً إلى انتهاكات بريطانيا للقانون الدولي أثناء فترة احتلالها وانسحابها. وتُلزم الحكومة البريطانية بالرد وإلا قد تواجه مراجعة قضائية أمام المحاكم.

وفي رده على سؤال لـ”القدس العربي”، أشار صاحب المبادرة منيب المصري إلى ضرورة تحمل بريطانيا مسؤولية أعمالها السابقة في فلسطين منذ إطلاقها وعد بلفور في 1917 وما ترتب عليه من مأساة مستمرة للشعب الفلسطيني حتى عصرنا الحاضر.

وقال إن الأزمة القائمة في فلسطين كانت من “صناعة بريطانيا” خلال سلسلة من الانتهاكات الممنهجة وإساءة المعاملة بحق الشعب الفلسطيني. لقد عانينا معًا أكثر من قرن من الاضطهاد. لا يمكن لبريطانيا أن تساهم في بناء سلام عادل اليوم إلا إذا اعترفت بدورها الحاسم في مآسي الماضي. إن الاعتذار سيكون بداية عادلة لما يتوقعه الفلسطينيون من الحكومة البريطانية”.

وتضمن البيان المكتوب المرفق بالعريضة نماذج من ممارسات القوات البريطانية التي كانت تجمع أعدادا كبيرة من الرجال وتقودهم عبر المدن وأيديهم وأرجلهم مقيدة بالحبال، ثم تحتجزهم في أقفاص قبل تنفيذ الإعدامات.

وصرّح المحامي الدولي لحقوق الإنسان والمقرر الخاص السابق للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، بن إميرسون: “تُظهر هذه العريضة، من خلال تحليل شامل للأدلة المعاصرة، مدى مسؤولية بريطانيا عن المعاناة الرهيبة في فلسطين، التي يمكن تنسيبها إلى انتهاكات بريطانيا للقانون الدولي أثناء الاحتلال والانسحاب. إن هذه المظالم التاريخية ما زالت تشكل واقع اليوم. بريطانيا تحمل ديناً للشعب الفلسطيني، والعريضة الحالية تستند إلى التزامات المملكة المتحدة الدولية في وجوب جبر الضرر”.

عن العريضة:

– تجمع العريضة بين الأدلة الأصلية الدامغة لانتهاكات بريطانيا، وتختبرها وفق المعايير القانونية الدولية التي كانت ملزمة بها في ذلك الوقت (بما يشمل: قانون الاحتلال وفق لوائح لاهاي 1899/1907، وقانون الانتداب وفق ميثاق عصبة الأمم 1919، وحظر جرائم الحرب وانتهاكات الاعتبارات الإنسانية الأساسية الواردة في اتفاقيات لاهاي والقانون الدولي العرفي، وأخيرًا قانون الأمم المتحدة وفق ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945).

من خلال هذا الإطار، تكشف العريضة ثلاثة مستويات من الانتهاكات القانونية:

أولا، خروقات بصفتها قوة احتلال: (أ) الإخفاق بشكل غير قانوني في الاعتراف بوجود السكان الأصليين العرب الفلسطينيين كأمة في فلسطين، وذلك رغم التعهّد الوارد في اتفاقية حسين – مكماهون عام 1915. (ب) التصرّف بشكل غير قانوني كقوة احتلال لفلسطين التي كانت تحت الحكم العثماني خلال الفترة من 1917 إلى 1924، من خلال تغيير الحياة السياسية والاجتماعية والديموغرافية في البلاد تطبيقا لإعلان بلفور، ولكن دون امتلاك السيادة الشرعية التي تخوّلها ذلك. (ج) إنشاء “انتداب” دون سند قانوني وبانتهاك ميثاق عصبة الأمم. (د) الاستمرار غير المشروع في ممارسة سلطة الاحتلال من 1924 حتى 1948 دون معاهدة سلام مع تركيا تنقل السيادة إلى بريطانيا.

ثانيا، القمع غير المشروع: قمع السكان الفلسطينيين خلال ثورة 1936–1939 عبر فرض “أحكام عرفية” أفضت إلى نمط واسع من القتل، والتعذيب، والاضطهاد، والاعتقال التعسفي، وغيرها من الانتهاكات الجسيمة التي ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

ثالثا، تتحمّل بريطانيا المسؤولية الأساسية عن التخلي عن وحدة إقليم فلسطين وتقسيمه، ذلك الإقليم الواحد الموحّد الذي احتلته عام 1917، بعد أن شجّعت على فكرة التقسيم كحلّ للانقسامات المستعصية التي كانت هي نفسها قد غذّتها. وقد كانت بريطانيا تتوقّع، لكنها لم تفعل شيئاً إطلاقاً لمنع الفظائع وعمليات طرد الفلسطينيين التي ارتكبتها الجماعات الصهيونية المسلّحة، والتي بلغت ذروتها في النكبة.

من خلال احتلالها لفلسطين وقمعها على مدى ثلاثين عاماً، قامت بريطانيا بشكل غير قانوني بتعزيز أهداف الاستعمار الصهيوني وتدريب قواته العسكرية وتزويدها بالسلاح، وفي الوقت ذاته أعاقت الحكم الذاتي للفلسطينيين العرب ومقاومتهم وأمنهم. أما قرار التقسيم الذي اقترحته الأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 1947، فقد كان “حلا” متفادياً، لكنه سرعان ما أثبت أنه كارثي ومشؤوم، لمشكلة كانت بريطانيا نفسها قد صنعتها في فلسطين التي لم تعد ترغب في حكمها.

وفي انسحابها من فلسطين بين عامي 1947 و1948، انتهكت بريطانيا التزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945، وميثاق عصبة الأمم لعام 1919، والأنظمة الملحقة باتفاقية لاهاي لعامي 1899/1907، وذلك من خلال إخفاقها في حماية وتعزيز حقوق الشعب العربي الفلسطيني الأصلي، مما أدى إلى تقويض وحدة الدولة الفلسطينية الإقليمية التي انفصلت عن تركيا بعد معاهدة لوزان، والتخلي عن الشعب العربي الفلسطيني ليتعرض للمجازر وعمليات الطرد الجماعي من وطنه القومي”. وقد جُمعت الأدلة وحُلِّلت بصورة مستقلة وفق المعايير القانونية السائدة في ذلك الوقت، على يد فريق من المؤرخين، ومؤرخي القانون، وخبراء القانون الدولي، من بينهم الأساتذة جون كويغلي وأفي شلايم، والدكتور فيكتور كاتان، والمحاميان بن إميرسون وداني فريدمان.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات