بغداد/المسلة: تتصاعد المفاجآت في السليمانية مع تصاعد موجة الاعتقالات التي طالت رموز المعارضة، وبرزت المدينة كمسرح لصراع نفوذ حاد بين الأحزاب الكردستانية، وخصوصًا الاتحاد الوطني الكردستاني وحركته في مواجهة قوى المعارضة الجديدة، ما يعكس تحوّلًا ملموسًا في معادلات التوازن السياسي في الإقليم.

ويلاحظ المراقبون أن الاعتقالات الأخيرة، التي شملت رئيس حراك الجيل الجديد شاسوار عبد الواحد ورئيس جبهة الشعب لاهور شيخ جنكي، تمثل خطوة استراتيجية لإضعاف المعارضة قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة، وأنها لم تقتصر على الأفراد بل امتدت إلى تجفيف مواردهم المالية، بما في ذلك شركاتهم ومشاريعهم الاقتصادية، وهو ما ينذر بتغييرات جوهرية في المشهد السياسي المحلي.

ويوضح تحليل بأن عجز المعارضة يعود إلى فقدانها القدرة على إنتاج خطاب موحد، وإلى صمت المجتمع الدولي الذي تعامل مع الأحزاب الحاكمة المتسلحة بالمال والنفوذ، ما ساهم في تعزيز قبضتها على الساحة السياسية، وهو ما يمكن تفسيره على أنه إعادة توزيع للقوة السياسية داخل الإقليم بطريقة منهجية، بما يحافظ على مصالح الحزب الحاكم.

وعمل الاتحاد الوطني عبر أجهزة القضاء والأمن على استباق أي تهديد محتمل لنفوذه، خصوصًا بعد نتائج الانتخابات السابقة التي أظهرت تراجع مقاعده رغم سيطرته الإدارية، وهو ما يعكس حساسية الحزب تجاه فقدان شعبيته أو تقليص نفوذه في السليمانية.

ويوضح عضو جبهة الشعب ميران جلال أن النقمة الشعبية المتزايدة على أحزاب السلطة، وخصوصًا الاتحاد الوطني، ناتجة عن تورطه في الفساد، وتهريب النفط، وقمع المواطنين، وهو ما يجعل أي محاولة لتصفية المعارضة استراتيجية محفوفة بالمخاطر السياسية والاجتماعية، خاصة مع وعي المواطن الكردي بأدوات الاستغلال المالي والسياسي التي تمارسها الأحزاب الحاكمة.

ويمكن قراءة الاعتقالات الأخيرة في ضوء التحضيرات للانتخابات المقبلة على أنها محاولات لإعادة تشكيل الخرائط الانتخابية، وفرض نفوذ الحزب الحاكم على مفاصل المدينة، بينما تحاول المعارضة الحفاظ على حضورها السياسي من خلال استراتيجيات جديدة، تستند إلى شعبية قادتها وأسسها التنظيمية، وهي مؤشرات على استمرار الصراع بين استراتيجيات السيطرة والتعددية السياسية.