بيروت ـ «القدس العربي»: بعدما كان مقرراً أن يعرض قائد الجيش العماد رودولف هيكل التقرير الشهري الأول حول تطبيق خطة حصرية السلاح يوم الخميس في 9 تشرين الاول/أكتوبر الحالي، اتفق على تقريب موعد جلسة مجلس الوزراء إلى بعد غد الاثنين في 6 الشهر الحالي في قصر بعبدا لعرض هذه الخطة في ظل ترقب دولي وعربي لجدية الدولة والجيش لتنفيذ قراري 5 و7 آب/أغسطس حول قرار حصرية السلاح على اعتبار أن تقرير الجيش ليس تقنياً بقدر ما يمس الجوهر.
وقبل أيام على انعقاد الجلسة، تفقد قائد الجيش ثكنة بنوا بركات في صور، والتقى قائد قطاع جنوب الليطاني العميد الركن نيكولا تابت وعدداً من الضباط والعسكريين. ووصل هيكل إلى الثكنة على متن طوافة عسكرية ترافقها طوافة أخرى، لينتقل بعدها إلى بلدة البياضة من أجل تفقد قيادة اللواء الخامس ولقاء قائد اللواء والضباط والعسكريين.
سحب العلم والخبر
وسبق عرض تقرير الجيش زيارة لافتة قام بها رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد لكل من رئيس الجمهورية العماد جوزف عون وقائد الجيش بعد فترة من الانقطاع، الأمر الذي يشكل إعادة لفتح قنوات الحوار والنقاش حول موضوع السلاح من دون الدخول في أي مواجهة داخلية أو تحدي قرارات الحكومة ولاسيما بعد أزمة صخرة الروشة وإضاءتها بصورة السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، حيث لاتزال ترددات هذه الحادثة تتفاعل، وآخرها طلب وزير الداخلية العميد أحمد الحجار حل «الجمعية اللبنانية للفنون-رسالات» التابعة لـ«حزب الله» وسحب العلم والخبر منها «لمخالفتها كتاب محافظ بيروت ونظامها الداخلي والموجبات التي التزمت بها عند طلبها العلم والخبر اضافة إلى مخالفتها القوانين التي ترعى الأملاك العمومية والتعدي عليها واستعمالها لغير الغاية المخصصة لها ولغايات تمسّ بالنظام العام من دون ترخيص أو موافقة مسبقة». وقد أدرِج طلب وزارة الداخلية كبند ثان على طاولة مجلس الوزراء التي ستنعقد الاثنين بعد بند أول يتعلق بعرض وزير العدل عادل نصار لإجراءات النيابة العامة التمييزية المرتبطة بالتجمع في منطقة الروشة.
قائد الجيش تفقد جنوب الليطاني وتقريره حول حصرية السلاح أمام الحكومة بعد غد
كذلك، تحرّكت النيابة التمييزية واستدعت الإعلامي في قناة «المنار» علي برو بتهمة التهجم على رئيس الحكومة، إلا أن برو لم يحضر وأرسل وكيله القانوني الذي صرّح »أن موكله لا يمثل أمام الضابطة العدلية بل أمام محكمة المطبوعات فقط». إلا أن المدعي العام التمييزي القاضي جمال الحجار أمر باستدعاء برو مجدداً إلى التحقيق اليوم السبت أمام فصيلة الروشة، وفي حال عدم مثوله يُبنى على الشيء مقتضاه. وكان المدعي العام أصدر مذكرات بحث وتحرّ بحق من لم يحضر إلى التحقيق ممن تم استدعاؤهم سابقاً.
وكان رئيس الحكومة نواف سلام واصل استقبال الوفد الداعمة له، واعتبر «أن الخاسر الأكبر مما حصل في الروشة هو مصداقية الجهة المنظمة ومن يقف خلفها»، مشيراً إلى «أن قضية الروشة لم تنتهِ بعد»، قائلاً «استعادة هيبة الدولة تكون عبر تطبيق القانون ومحاسبة من أخلّوا بتعهداتهم».
سلام: حصرية السلاح
وأكد سلام «أن عنوان الأمن والأمان هو حصرية السلاح»، لافتاً إلى أنه «لا يمكن ان يشعر المواطنون بالمساواة في ظل امتلاك بعض الاطراف للسلاح». وتحدث «عن وجود جهات ممانعة، ولكن لا خيار آخر اذا اردنا بلداً لنا ولأولادنا». وختم «أنا لم ولن أسلك غير هذا الطريق: دولة واحدة، قانون واحد، جيش واحد»..
ورأى رئيس مجلس النواب نبيه بري «أن لبنان يستطيع أن يتحدى كل شيء بوحدته ويستطيع الصمود والإستمرارية بوحدة أبنائه»، مستشهداً «بطاولة الحوار في عام 2006 التي توحدت كل القيادات السياسية حولها آنذاك». وخلال استقباله رئيسة مجلس إدارة «تلفزيون لبنان» إليسار نداف مع وفد من مجلس الإدارة بحضور مفوض الحكومة المدير العام لوزارة الإعلام حسان فلحة، عرض بري للمستجدات الميدانية في جنوب لبنان وللقرار 1701 وإتفاق وقف اطلاق النار، فأكد «أن لبنان نفّذ كل بنود القرار كاملةً»، وكشف «أن الموفد الامريكي توم برّاك الذي زار عين التينة مرتين اقتنع في زيارته الأولى بأن لبنان على حق وأنه قام بواجبه، وأن الكرة في ملعب إسرائيل، وهو أي السفير براك سوف ينقل وجهة النظر هذه إلى الجانب الإسرائيلي، على أن يعود بالجواب في الزيارة الثانية، إلا أنه عاد من إسرائيل خالي الوفاض ودون جواب».
بري: تحية لأبناء الجنوب
وفيما أكد الرئيس بري «إجراء الانتخابات النيابية في موعدها»، مستغرباً «كيف أن مَن كان مع قانون الانتخاب الحالي يحاول الاعتراض عليه»، جدد «التحية لأبناء الجنوب وخاصة أبناء القرى الحدودية لصمودهم وصبرهم وثباتهم في كل الأزمات».
ميدانياً، نفذ الطيران الحربي الإسرائيلي فجر الجمعة سلسلة غارات عنيفة، أشبه بزنار ناري مستهدفاً احراج علي الطاهر عند الأطراف الشمالية لبلدة النبطية الفوقا. وألقت الطائرات عدداً من الصواريخ الارتجاجية التي احدث انفجارها دوياً كبيراً، تردد صداه في مختلف المناطق الجنوبية، وتسبب الصواريخ بإحداث حرائق في الاحراج، كما تسببت بأضرار وتصدعات في عشرات المنازل في الاحياء القريبة من الاماكن المستهدفة، فضلاً عن تحطم زجاج عدد كبير من المنازل والمحال التجارية ايضاً. وهذه هي المرة الرابعة التي تتعرض فيها أحراج علي الطاهر للغارات بعد توقف حرب الـ 66 يوماً.
ترافق ذلك، مع تحليق مسيّرات على علو منخفض فوق النبطية وضواحيها وفي أجواء صيدا، وقيام القوات الإسرائيلية بعمليات تمشيط بالرشاشات من مركز رويسات العلم في اتجاه أطراف بلدة كفرشوبا، وإلقاء محلقة إسرائيلية قنبلة صوتية بالقرب من أحد صيادي الأسماك قرب شاطئ الناقورة، وإلقاء محلقة أخرى قنبلة حارقة على أطراف بلدة صريفا.
ترددات حادثة الروشة في بيروت: وزير الداخلية يطلب حل جمعية لـ«حزب الله» واستدعاء إعلامي من «المنار»
وقد كتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر منصة «إكس»: »أغار جيش الدفاع على موقع كان يستخدم لادارة النيران والدفاع في حزب الله في منطقة جبل شقيف في جنوب لبنان. وقد استهدفت الغارات وسائل قتالية ومبان عسكرية وبنى تحتية تحت الأرض». وزعم «أن وجود الموقع في المنطقة والأنشطة الارهابية التي تنفذ داخله يشكلان انتهاكًا للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان حيث سيواصل جيش الدفاع العمل لإزالة أي تهديد على دولة إسرائيل». أما «حزب الله» فقد شيّع وأهالي بلدة كفررمان المهندسين الشهيدين أحمد حسن سعد ومصطفى حسين رزق اللذين ارتقيا اثر غارة لمسيرة إسرائيلية استهدفتهما على طريق كفررمان ـ الجرمق..
وأفاد شهود عيان أن محلقة معادية قامت بإلقاء قنابل حارقة في أنحاء مختلفة من أطراف صريفا لناحية أرزون وشحور ما أدّى إلى تمدّد الحريق الذي كان قد اندلع في المنطقة قبل الظهر. وجرى انفجار جسم من مخلفات الحرب في بلدة ياطر اثناء إزالة ردم أحد المنازل في البلدة. كما عمدت مسيرة إسرائيلية على إلقاء مادة حارقة في منطقة هورا في خراج بلدة دير ميماس مما تسبب باشتعال حريق في المنطقة. ومحلقة معادية أخرى قامت بإلقاء قنبلتين في اتجاه جرافة تابعة لمجلس الجنوب في بلدة ميس الجبل من دون سقوط إصابات.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2023، شنت إسرائيل عدوانا على لبنان تحوّل في سبتمبر/ أيلول 2024 إلى حرب شاملة أسفرت عن مقتل أكثر من 4 آلاف شخص وإصابة نحو 17 ألفا آخرين.
ورغم التوصل، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، فإن الأخيرة خرقته أكثر من 4 آلاف و500 مرة، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 280 شخصا وإصابة 625 آخرين، وفق بيانات رسمية.
وفي تحدٍ للاتفاق، لا تزال إسرائيل تحتل 5 تلال لبنانية سيطرت عليها خلال الحرب الأخيرة، إضافة إلى مناطق أخرى تحتلها منذ عقود
الخطيب: المقاومة عصيّة
في المواقف، قال نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب »ان الغرب فشل حتى الآن في حسم الصراع لمصلحته، بل هو أقرب لليقين بان معركته مع قوى المقاومة فاشلة». واعتبر أنه «على صعيد لبنان، من مصلحة الجميع تمتين الوحدة الداخلية، فدخول بعض الادوات في الصراع الداخلي السياسي نصرة للغرب يضر بأصحابه، وهو من دون أثر على المسرح، ولا يعدو كونه اكثر من تأثير بعوضة تلدغ، فليعرف كلٌ قدره، فلربما أحس خفة بالانتفاخ فحسب انه أسد، اذ سرعان ما سيزول الوهم ويذهب الانتفاخ ويدرك حجمه الحقيقي»، مضيفاً «لذا ندعوه إلى التواضع والتعاطي بموضوعية، وكفى استنجاداً بالراحلين والخاسرين. فالمقاومة عصية على التطويع، وهي التي تشكل الذراع القوي للبنان وللبنانيين، والحريصة على الجميع حرصها على نفسها وبيئتها وجمهورها.. تعالوا إلى توحيد الموقف لمصلحة لبنان ولمعالجة قضايا الناس بدل الشغب ومحاولة تعطيل مصالح اللبنانيين لمصالح انتخابية باستعراضات بهلوانية».
واعتبر الخطيب «أن الحوار مع المقاومة بدل إشهار سيف العداء لها، هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة ووضع لبنان على السكة الصحيحة، وحسناً يفعل رئيس الجمهورية في التواصل الدائم وفتح الأبواب أمام التفاهم، لأن الاستقرار الداخلي هو الكلمة الفصل في مواجهة الضغوط الخارجية التي يسعى البعض إلى استجلابها بشتى السبل، وقد خبرنا سابقاً نتائج الرهان عليها والتي لم تكن في صالح لبنان وشعبه، بل خلّفت المزيد من المآسي والمعاناة. ومن الحكمة الاعتبار من تجارب الماضي.. »فاعتبروا يا أولي الأبصار».
قبلان: تحية للبطريرك
وشدد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان على «أن اللحظة اليوم لحماية لبنان وتأمين عائلته الوطنية»، وقال «والعين على الحكومة اللبنانية للنهوض بأزمات البلد بعيداً عن الانقسام السياسي، والمجلس النيابي ممثل الشعب ضمير لبنان ومحل شراكته الوطنية، وقضية السيادة الوطنية ضرورة للتلاقي لا الانقسام، والخلاصة السيادية تفترض صيغة وطنية نربح معها لبنان الداخلي ووحدته التاريخية، لأن عين الإسرائيلي على ابتلاع لبنان، ولذلك لا حاجة أكبر من تأمين قوة دفاع وطني داخلي أكبر من المخاطر الصهيونية وخرائط حروبها».
وأشار إلى «أن الحل في هذا البلد يكمن بشكل أساسي بإعادة ترتيب أولوياتنا وزرع الثقة ببعضنا البعض، والمسيحية شريك وثيق وضمانة روحية وطنية. من هنا، نوجّه التحية والمحبة للموقف الوطني الجامع الذي أطلقه غبطة البطريرك بشارة الراعي من الجنوب، ومثل هذه المواقف هي التي نريدها وهي التي تؤكد أن لبنان عائلة وطنية وأخلاقية واحدة، وكذلك لا ننسى الوقفة الوطنية للإخوة الموحدين الدروز، ولا ننسى أن نؤكد على المحبة لأهلنا في الطريق الجديدة وطرابلس وعكار وجبل محسن وجبل لبنان على تفانيهم الكبير».
وتابع «لأننا في موسم انتخابي، فإننا نؤكد أن مصلحة العائلة الوطنية هي بتقديم صيغة شراكة وطنية تنافسية أكبر من لعبة الزواريب السياسية، ومصلحة لبنان تفترض التعاون والتلاقي لا الانقسام ولا التباعد السياسي فضلاً عن القطيعة، ولا حاجة للبلد أكبر من توسيع الدائرة الانتخابية وفق القانون النسبي لتقديم الرابط الوطني على الرابط الطائفي، ولا شيء أهم من حماية العقيدة الوطنية للجيش وتعزيز القيمة الوطنية للخطاب السياسي الضامن لوحدة قضايا لبنان».
وختم قبلان: «كلمة أخيرة وبكل محبة، كلنا نريد أن تعود هيبة الدولة، ولكن هيبة الدولة ليست بصخرة الروشة، إنما هيبة الدولة بإعادة الإعمار وبالسياسات الإغاثية والإنمائية والتربوية والخدمية، وببناء المؤسسات والمرافق العامة والقضاء والرقابة والهندسات المالية والاقتصادية بشكل سليم وصحيح وعادل، نريد دولة تحفظ الشراكة والميثاقية وتحفظ المواطن، عندها تعود هيبة الدولة وتكتسب شرعيتها بما هي ضامن لمصلحة الوطن والمواطن».