الوثيقة | مشاهدة الموضوع - أمين مصطفى: هل ارتضينا أن نبقى في قبو القاع؟ أمين مصطفى
تغيير حجم الخط     

أمين مصطفى: هل ارتضينا أن نبقى في قبو القاع؟ أمين مصطفى

مشاركة » السبت أكتوبر 25, 2025 4:21 pm

كلما نظرت إلى خارطة العرب، من أطراف الماء، إلى أطراف الماء، يتملكني سؤال مباشر، هل ارتضينا أن نبقى في قبو قاع التاريخ، وقاع الحضارة، وقاع جهنم ، وإلى متى؟

أرضنا الغنية بالثروات، والغنية بأدمغة أبنائها، وهنا أشدد على أبنائها، الذين اضطروا للبحث عن دور، وعن موقع في أرض الله الواسعة، بعد أن ضيّقت عليهم أنظمة الحكم عندهم، مساحة الحياة، والكلام، والإبداع- .
أقول أرضنا التي رضعنا فيها، ملامح العز يوماً، وشربنا من حليب النهضة، لدى رجال النهضة الكثير…هذه الأرض التي تشكّل وسط عقد العالم، وتمد القارات القريبة، والبعيدة، بشرايين العطاء…هل هذه الأرض غدت عاقراً، لا تلد إلا الأفاعي، والذئاب، التي تتلذذ بنهش لحم أطفالها، دون غيرهم وتغض الطرف عن وحوش العالم، وهي تنهب خيراتنا، وتذبح كل شيء حي فينا، كي تسود أوردة روحنا، بطشاً من جحافل أشتات، جُمعت بغفلة من التاريخ، لتسطوطن بلادنا، وتنكر علينا وجودنا.

من قطاع غزة، الذي يدين تقاعسنا، وتخلفنا، وتآمرنا، وغياب غيرتنا ونخوتنا…هذا القطاع العزيز، الذي كان على مدى عامين، وما زال، شامخاً بدمه، شامخاً بصلابة وتضحيات نادرة، هذا القطاع الذي بح صوت استغاثته لأهله العرب، لكن أحداً لم يستجب، بل بعضهم بخل عليه حتى بالدعاء .
من قطاع غزة، إلى السودان المضرج بدماء أبنائه، والمتروك لمصيره الأسود ، دون فهم لأسباب هذا الطوفان من الحقد الذي مزق البلاد إلى أشلاء.
ومن ثم إلى ليبيا، التي تتعرض للسرقة، من حيتان العالم، بينما قبائلها، عبر فصائلها يقتتلون.
ومتابعة، نجد سوريا، يغزوها طيران العدو، كل يوم، ويقتطع ضباع الاحتلال مساحات، ويبني قواعده، بعد أن منحه الرئيس الأمريكي، ترامب، الجولان هدية للدلالة على دعمه لاحتلال أرض العرب .
أما لبنان، فيتعرض سماء، وأرضاً وبحراً، لانتهاكات يومية، ويضغط بالتنسيق مع واشنطن، لنزع سلاح قوته، بمباركة عربية، للأسف الشديد .
نظرتنا إلى أرضنا العربية، يصدمنا فيها هذا الود، وهذا التطبيع، وهذا الانحناء ، للوبي السيطرة الصهيو.نية.
كلما نظرنا لهذه الأرض، ولهذه الخارطة، التي كانت تسمى عربية ، يرعبنا مشهد الوضع الذي وصلنا إليه، والذي أفرح أعداءنا، وأذل أهلنا، ونحن في جهنم القاع .
هل هناك جهنم ، أشد ناراً، وأكثر بؤساً، وأكثر رثاءً مما نحن فيه ؟
العرب اليوم، بلا هوية، إلا إذا اعتبرنا الضياع، والتمزق، هوية.
العرب اليوم، بلا مخالب، وبلا أنياب، إلا تلك المخالب والأنياب التي نأكل بواسطتها، لحم بعضنا البعض.
العرب اليوم، لا لون لهم، ولا طعم، أمام هذا التسونامي الأمريكي الصهيو.ني – الغربي، وأمام كل الطامعين أمثالهم .
لا غرابة أن يصفهم الإعلام الإسرا.ئيلي بنعوت تخجل منها حتى الحيوانات، دون أن يدافعوا عما تبقى لهم من ذرة كرامة.
لا غرابة أن يسوقهم بلطجي بالكرباج، نحو حظائر الذل، دون أن تكون لهم جملة اعتراض واحدة.
والسرد في هذا السياق يطول ويطول، والدهشة، تكبر وتكبر ..والبشرية من حولنا تحاول أن تسندنا بصوتها وصلاتها، وغضبها، علنا نصحو…ولكنا عبثاً نستفيق .
نحن – كما برهنا لعدونا وكل شعوب الأرض – شعب يحب النوم ، ولو على أرصفة الموت والتاريخ ، ولم ننس أن نضع لافتة على أبواب قبورنا ” نرجو عدم الإزعاج ” !
كاتب لبناني
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron