بغداد ـ «القدس العربي»: كشف عضو مجلس النواب العراقي، النائب الشيعي المستقل، رائد المالكي، أمس الجمعة، عن رفض رجل الدين الشيعي البارز، علي السيستاني، تسلم قائمة من «الإطار التنسيقي» تضم أسماء 9 مرشحين لمنصب رئيس الوزراء، كما رفض التدخل في مسألة اختيار رئيس الحكومة.
وقال المالكي في بيان صحافي: «اعتذرت المرجعية العليا قبل أيام لأحدى الشخصيات النجفية المحترمة التي استأذنتها في نقل رسالة الإطار التنسيقي إليها، تلك الرسالة التي تضمنت طلب قادة الإطار أخذ رأي المرجعية بشأن 9 أسماء رشحوها لمنصب رئاسة الوزراء».
وأوضح أنه «كان الإطار قد طلب من عبد الهادي الحكيم نقل رسالته المشار لها إلى المرجعية العليا، فأبلغهم الحكيم، بأنه يرى ضرورة أخذ رأي المرجعية في نقل رسالتهم المكتوبة والموقّعة وإحاطتها علماً بمضمونها ابتداءً، فاعتذرت المرجعية عن قبول نقل الرسالة، وتضمّن اعتذارها أيضاً رفضاً لتدخلها في اختيار رئيس الوزراء، وذكّرت بعدم تدخلها في السابق في هذا الموضوع».
وفي مطلع كانون الأول/ ديسمبر الجاري، كان المالكي قد نشر «تدوينة» أرفقها بصورة جمعته بالحكيم في النجف، وكتب معلّقاً: «تداولنا بشأن عدة أمور تخص الوضع العام وأهمية الاستمرار في متابعة عملية تشريع وتطبيق القوانين ذات الصلة بحقوق الشعب والحفاظ على هوية المجتمع العراقي الاسلامية».
ويؤكد النائب المالكي في بيانه الأخير، إنه «بغض النظر عمّا يحمله هذا الرفض من رسائل أبرزها: عدم السماح باستغلال اسم المرجعية العليا في تشكيل حكومة تتولى الأحزاب رسم تفاصيلها بالآليات المعروفة وفي مقدمها المحاصصة، وما يمكن أن ينتج عنها من فساد، مضافاً إلى كون ذلك يتعارض مع منهج المرجعية العليا في التعامل مع القضايا السياسية وتدخلها فقط في أحوال الضرورة»، فإنه اعتبر أن «هذا الرفض من شأنه أن يطيل أمد الخلاف على ترشيح رئيس الوزراء، كونه يصعّب أكثر على الإطار التنسيقي حسم خياراته بين أسماء متعددة وربما يضاف إليها آخرون».
وأضاف: «لكن القدر المُتيقن أن باب المساومة سيكون أوسع، وأن بعض المرشحين سيقدمون عروضاً سخية لبعض القوى الطامحة في كسب المزيد من الغنائم مقابل الحصول على دعمهم، وربما يمتد ذلك للقوى الموجودة خارج الإطار مثل الكرد الذين أكدوا عدم إعطائهم أي موقف محدّد لأي من المرشحين والاكتفاء بالاستماع لهم، وقد تسمح الخلافات والمساومات لتدخل قوى خارجية إقليمية ودولية، وهو أمر يجب على الإطار تجنبه والحذر منه، ولا نعلم هل هنالك قرار داخل الإطار يمنع على أعضائه نقل ملف اختيار رئيس الوزراء أو الاستعانة بشأنه بقوى خارج دائرة (المنتظم الشيعي) داخلياً وخارجياً».
وأشار إلى أن «موقف المرجعية برفضها التدخل في اختيار رئيس الوزراء، ينطوي على حكمة كبيرة اعتدناها في كل مواقف المرجعية، وهو ينسجم تماماً مع موقفها من المشاركة في الانتخابات الأخيرة، فالمرجعية احتكمت إلى قناعة الشعب في ذلك بصرف النظر عن النتائج كجزء من منهجها في تربية الأمة وتنمية وعيها وقدرتها على النهوض حتى لو تعرضت لبعض الإخفاقات في مسيرها الطويل».
نائبٌ كشف اعتذاره عن إبداء رأيه في مرشحي «الإطار»
ورأى أن «هذا الموقف ذاته ربما تريده المرجعية أن يكون مع الطبقة السياسية والنخبة المتصدية للسياسة فعليها أن تتحمل المسؤولية في اختيار القيادات الحكومية الإدارية والوظيفية للدولة، بعد أن وضعت لها في وقت سابق خارطة طريق تضمّنت فيما تضمّنته التوصية بخمسة أمور مهمة تضمّنها بيان المرجعية المؤرخ في 1 جمادي الأولى 1446 هجرية، الموافق 4 تشرين الثاني 2024، وهي: إعداد خطط علمية وعملية لإدارة الدولة اعتماداً على مبدأ الكفاءة والنزاهة في تسنم المسؤولية، ومنع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها وتحكيم سلطة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة ومكافحة الفساد على جميع المستويات».
وختم النائب المالكي: «أقول للإطار التنسيقي وقياداته، إذا كنتم حريصين فعلاً على إرضاء المرجعية العليا والشعب باختيار رئيس الوزراء، فحسبكم بمن تتوافر فيه القدرة على تحقيق هذه الأمور والمتطلبات الخمسة، ومن تشهد له سيرته بذلك ولم يعرف عنه المشاركة في الفساد والسكوت عليه وفي خرق القوانين والسماح بالتدخلات الخارجية وتقديم التنازلات. هذا إن أردتم فيما قصدتكم برسالتكم رضا المرجعية ورضا الشعب العراقي، وستُسألون عما تفعلون».
ولا تزال القوى السياسية شيعية، سنية وكردية تخوض مفاوضات تسمية الرئاسات الثلاثة: الجمهورية، الحكومة والبرلمان، فضلاً عن شكل الحكومة الجديدة وآلية توزيع حقائبها الوزارية، من دون الإفصاح عن نتائج هذه المفاوضات. وكان القيادي في تحالف «متحدون»، محافظ نينوى السابق، أثيل النجيفي، قد رأى وجود إمكانية لتقارب سنّي ـ كردي لمواجهة أيّ استئثار شيعي محتمل في السلطة.
وفي إيضاح له، يقول النجيفي: «لن أتردد عن دعم أي مشروع وطني عراقي، ولن أتردد في القول إن الدول الحديثة لا يمكن أن تبنى إلا على مفهوم المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات بين كل أفرادها دون اعتبار الدين أو المذهب أو القومية. ولكنني في الوقت نفسه لست ساذجاً لأصدق كل دعوة بالقول دون أن أنظر إلى حقيقة الخطاب السياسي الذي يلتزم به الداعون عليه، فعندما يدعو شخص ملتزم بخطاب ديني مذهبي أو قومي متشدد ويرتكز مشروعه على شخصيات لها تاريخ مشابه لمشروع وطني في زمن الانتخابات، فهذا واضح، أنه وسيلة لخداع السذج أو إيجاد مبرر للمتغافلين عن الحقيقة الواضحة، ولا يمكن التعويل عليها في بناء مشروع سياسي».
ووفق قوله، «من يمعن النظر في حقيقة الوضع العراقي الحالي مع غياب الخطاب الوطني عن الدولة ومؤسساتها، ومن يأخذ بنظر الاعتبار الازمات والحروب الأهلية التي دخلت فيها معظم المكونات العراقية وأريقت فيها الدماء والنزوح والتهجير والاستقواء بسُلطة مكونٍ ما على المكونات الأخرى وضعف سلطة الدولة، من يأخذ كل ذلك بنظر الاعتبار، يدرك بأن المشروع الوطني الشامل يحتاج بيئة غير التي نعيشها، وأننا نحتاج إلى مراحل انتقالية للوصول إليه».
واعتبر النجيفي أن «ما يمكن العمل عليه في الوقت الحاضر هو منح الطمأنينة للمكونات والمذاهب، والبحث عن مساحات المصالح المشتركة وتعظيمها»، لافتاً إلى أن «كُلاً من العرب السنة والأكراد لديهم مصلحة مشتركة في تعزيز الديمقراطية في العراق، وألا يتركوا الأحزاب الدينية الشيعية لتستأثر وحدها بالقرار العراقي الداخلي والخارجي، وأن يحتفظوا بقدرتهم على ترشيد التوجه العراقي العام ومنعه من الانجرار خلف مشاريع مذهبية دينية من شأنها ان تُبقي العراق في دوامة الاضطراب».
وزاد: «لا شك أن لكل من الأحزاب الكردية والعربية مشاريع وآراء مختلفة حول عدد من القضايا الداخلية، ولكن عند المقارنة بين المصلحة الناتجة عن تعاونهم في القضايا الكبيرة المشتركة والخلافات في القضايا الداخلية، نجد أن هناك فارقاً كبيراً لا يمكن التضحية به. فقد نختلف حول عائدية قرية أو ناحية، ولكن إذا اختلفنا لن تضيع الناحية والقرية لوحدها، بل ستضيع مدننا وكرامتنا ومستقبل أجيالنا»، مبيّناً إن «المشروع الذي نحتاجه لابد أن يُبنى على مساحات العمل المشترك وليس على نقاط الخلاف».
وأكد أن «هناك مساحات عمل مشترك مع المكون الشيعي في العراق وقد تكون أكبر من مساحات العمل مع الكرد، ولكنها تحتاج إلى مجموعة سياسية شيعية تؤمن بهذا المبدأ وتعمل عليه ولو اصطدمت مع دعاة التطرف والهيمنة، وجميعنا نلاحظ التيارات المدنية المتنامية في الوسط الشيعي، وهذه هي التي سيعوّل عليها في المستقبل، ولكننا في الوقت الحاضر مجبرون على التعامل مع ما ينتجه المجتمع الشيعي من تمثيل سياسي ولا يحق لنا التدخل فيه