الخرطوم ـ «القدس العربي»: أدانت مجموعات حقوقية وسياسية محلية ودولية، الهجوم «المأساوي» على روضة أطفال ومستشفى في مدينة كلوقي جنوب كردفان، الذي راح ضحيته عشرات المدنيين معظمهم من الأطفال.
وأعلنت الحكومة السودانية، الجمعة، ارتفاع عدد ضحايا الهجوم الذي قالت إن قوات الدعم السريع نفذته باستخدام طائرات مسيرة على مدينة كلوقي بولاية جنوب كردفان، إلى 79 قتيلاً، بينهم 46 طفلاً، إضافة إلى عشرات الجرحى.
وقالت وزارة الخارجية السودانية، إن الهجوم الذي وقع الخميس استهدف في بدايته روضة أطفال داخل المدينة، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى بين التلاميذ. وأضافت أن القصف تجدد أثناء محاولة الأهالي إسعاف الأطفال المصابين، قبل أن يمتد إلى المستشفى الريفي الذي نقل إليه الجرحى، ليرتفع عدد القتلى إلى 79 وعدد الجرحى إلى 38.
واستنكرت الوزارة ما وصفته بـ«المجزرة البشعة»، معتبرة أن الهجوم يمثل «امتداداً لاعتداءات ممنهجة تستهدف المدنيين».
وأضافت: «أن استهداف الأطفال والمصابين بهذه الطريقة يمثل تصعيداً خطيراً»، محذرة من أن تقاعس المجتمع الدولي عن اتخاذ إجراءات رادعة «يشجع على تكرار مثل هذه الجرائم».
كما حملت الوزارة مجلس الأمن والأطراف الدولية «مسؤولية استمرار العنف»، قائلة إن القرارات المتعلقة بحماية المدنيين في السودان «لم تنفذ بالشكل المطلوب»، خاصة ما يتصل بفك الحصار عن مدينة الفاشر ووقف الهجمات عليها.
وشددت على أنه «لا يمكن تحقيق أي شكل من التعايش في ظل استمرار هذه الاعتداءات»، مطالبة المجتمع الدولي بوقف ما وصفته بـ«الانتهاكات المتصاعدة ضد المدنيين».
وفي وقت ما زالت عمليات رصد الضحايا جارية، قالت شبكة أطباء السودان إنها رصدت 50 قتيلاً، بينهم 33 طفلاً وأربع نساء، إضافة إلى عدد من المسعفين الذين قتلوا أثناء محاولتهم الوصول إلى موقع القصف.
وأوضحت المتحدثة باسم الشبكة، رزان المهدي، في تصريح صحافي، أن صور الحادثة بدأت في الظهور تدريجياً، وأن عدد الضحايا يتزايد مع استمرار عمليات البحث والإسعاف. وقالت إن المسعفين تعرضوا لقصف ثانٍ أثناء مباشرتهم عمليات الإنقاذ.
وأضافت المهدي أن الشبكة تعتبر ما حدث «جريمة بشعة ومجزرة غير أخلاقية» استهدفت أطفالاً داخل روضتهم، متهمةً قوات الدعم السريع بالوقوف وراء الهجوم، وهو ما لم يصدر بشأنه تعليق من قوات الدعم السريع حتى وقت نشر الخبر.
وحذرت من أن استمرار استهداف المدنيين يدفع إلى موجات نزوح جديدة، لافتة إلى أن «أساليب القصف والترهيب سبق أن شهدتها مناطق أخرى في الفاشر وكردفان»، بحسب تعبيرها.
وأدانت الشبكة الحادثة، محمّلةً قيادة قوات الدعم السريع «المسؤولية الكاملة» عن سقوط الضحايا، ودعت المجتمع الدولي إلى «تحريك آلياته العاجلة لحماية المدنيين ووقف الانتهاكات المتزايدة».
وحذرت شبكة أطباء السودان من إن الاعتداء على المناطق ذات الكثافة السكانية «يفاقم من معاناة المواطنين ويزيد من الأعباء الواقعة على الكوادر الطبية والقطاع الصحي»، الذي يعاني أصلاً من تحديات كبيرة نتيجة اتساع نطاق النزاع في المنطقة.
وحملت شبكة أطباء السودان قيادات الدعم السريع المسؤولية الكاملة عن الحادثة، كما دعت الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والإنسانية إلى اتخاذ خطوات «عملية وفاعلة» للحد من الهجمات على المدنيين، وتقديم الدعم الإغاثي والإنساني العاجل، والضغط على الأطراف المسلحة كافة لوقف استهداف المرافق المدنية، بما في ذلك المدارس والأسواق والمنشآت الخدمية.
وقدم حزب المؤتمر السوداني – فرعية جنوب كردفان- تعازيه لأسر المدنيين الذين راحوا ضحية الهجوم الذي تعرضت له مدينة كلوقي بواسطة طائرة مسيرة. وأكد الحزب تضامنه مع جميع المتأثرين بهذه الأحداث التي وصفها بـ«المؤلمة».
وقال الحزب، إن ما جرى يعكس حجم التحديات التي تواجه السودان في ظل تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية، مشدداً على ضرورة تحمل الأطراف العسكرية المتحاربة مسؤولياتها تجاه حماية المدنيين، وتجنب استهداف المنشآت الحيوية مثل رياض الأطفال والمدارس والمرافق الصحية، وتهيئة الظروف لمنع مزيد من التدهور.
ودعا الحزب جميع الأطراف إلى إعلاء مصلحة البلاد، واتخاذ خطوات عملية لتخفيف معاناة المواطنين وخلق مناخ يساعد على خفض التصعيد وفتح الطريق أمام حلول سياسية.
كما جدد المؤتمر السوداني دعوته للمجتمع الدولي لتعزيز جهوده في دعم مسار السلام، والضغط من أجل هدنة إنسانية عاجلة تسمح بإيصال المساعدات وفتح الممرات الآمنة، إلى جانب استئناف الحوار بين الأطراف العسكرية بالتوازي مع عملية سياسية شاملة – باستثناء جماعات الإسلام السياسي والمؤتمر الوطني وواجهاته- بما يسهم في استعادة المسار المدني الديمقراطي.
وأكد أن مستقبل السودان يتطلب «إرادة جادة وحواراً مسؤولاً» يمهدان للانتقال من حالة الصراع إلى دولة مؤسسات قادرة على تحقيق الاستقرار وصون حقوق المواطنين.
وكذلك، أدانت المفوضية الأوروبية لإدارة الأزمات بشدة الهجوم الذي شنته قوات قوات الدعم السريع على قرية كلوقي في غرب السودان والذي راح ضحيته عشرات الأطفال، معتبرةً أن ما حدث يمثل «جريمة حرب واضحة».
وطالبت المفوضية بإطلاق تحقيق دولي فوري وتقديم مرتكبي الهجوم إلى العدالة، معتبرة أن «مثل هذه الانتهاكات تهدد الجهود الإنسانية في المناطق المتضررة من النزاع»، وتجدد الحاجة إلى حماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية.
وأكدت المفوضية على ضرورة أن تتحمل الجهات المسؤولة كافة تبعات هذا الهجوم، وأن يُتخذ موقف دولي واضح لوقف سقوط مزيد من الضحايا المدنيين، ولمنع تكرار مثل هذه الأعمال التي تنتهك القانون الدولي الإنساني.