الوثيقة | مشاهدة الموضوع - ما هي احتمالات الرد السعودي على اتهام إيران باستهداف منشآت أرامكو النفطية؟
تغيير حجم الخط     

ما هي احتمالات الرد السعودي على اتهام إيران باستهداف منشآت أرامكو النفطية؟

مشاركة » الخميس سبتمبر 19, 2019 8:39 am

6.jpg
 
إسطنبول- إحسان الفقيه:

تفترض إيران في تكرار الهجمات على المنشآت الحيوية السعودية مباشرة أو عبر حلفاء لها؛ مثل جماعة الحوثي في اليمن، أن السعودية لن ترد مباشرة، وأنها لن تستخدم قوة الردع العسكرية لإدراك المملكة خطورة تعرض البنية التحتية للطاقة لخطر هجمات مماثلة، أو عمليات تخريبية من الداخل.
ووفق تصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، تقف إيران وراء نحو 100 هجوم بطائرات مسيرة أو صواريخ باليستية على السعودية، آخرها الهجوم المزدوج، السبت الماضي، على منشآت “أرامكو” النفطية في أبقيق وخريص شرقي المملكة.
ولا يزال الجدل محتدما دون يقين حول الجهة المسؤولة عن الهجمات ونقطة انطلاقها.
تبنت جماعة الحوثي، حليفة إيران تنفيذ الهجمات، بينما تصر السعودية والولايات المتحدة على أن الهجمات لم تنفذ من اليمن، وأنها إما أن تكون من العراق أو إيران، وهو ما يؤكده خبراء اطلعوا على صور لخزانات النفط المتضررة في الموقعين، والتي تؤكد أن الهجمات جاءت من الشمال الغربي للموقعين، أي من العراق أو إيران.
وفي اتصال هاتفي أجراه بومبيو مع رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، أكد الأول أن العراق غير مسؤول عن الهجمات، لكنه لم يؤكد مسؤولية إيران عنها في الوقت الذي أشارت تحقيقات قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، إلى أن الأسلحة المستخدمة في الهجمات إيرانية.
الهجمات الأخيرة عطّلت نصف إنتاج النفط السعودي، بمعدل 5.7 مليون برميل يوميا كانت تصل إلى أسواق النفط العالمية؛ لكن وسائل إعلام ذكرت أن المملكة بحلول يوم الأحد الماضي، أي بعد يوم واحد على الهجمات، استعادت تسويق ما يصل إلى 2.3 مليون برميل يوميا، أي ما يعادل 40 في المئة من الإنتاج المعطل.
وتراهن رؤية 2030 التي أعلن عنها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في 2016، على خلق بدائل اقتصادية لإيرادات النفط، عبر طرح جزء من أسهم “أرامكو” للبيع في البورصات العالمية.
قد تلحق الهجمات أضرارا بالغة في الإقبال على الاكتتاب في “أرامكو” طالما أثبتت الهجمات “ضعف” قدرات السعودية في حماية منشآتها النفطية المملوكة للشركة، والدفاع عنها وتجنيبها أية أضرار محتملة.
تمتلك السعودية أكثر من منظومة للدفاع الجوي الصاروخية أمريكية الصنع، ومع فشلها في التصدي للهجمات في أكثر من موقع، فقد تلجأ السعودية إلى شراء منظومات إضافية روسية الصنع، حيث أشارت بعض التقارير إلى محادثات تجريها المملكة مع روسيا حول هذا الشأن قد تؤدي إلى إبرام صفقة خلال الزيارة المجدولة للرئيس الروسي إلى السعودية الشهر المقبل.
ومن المتوقع أن تقدم السعودية على البحث عن مصادر أخرى غير أمريكية لشراء منظومات رادار قادرة على كشف الطائرات المسيرة على ارتفاعات منخفضة جدا، أو المصنوعة من مواد غير قابلة للكشف بالرادارات التقليدية التي تمتلكها المملكة.
وسبق أن تعرضت المنشآت النفطية السعودية لهجمات مماثلة، لكنها كانت أقل قوة من الهجمات الأخيرة.
ففي مايو/ أيار الماضي، تعرض خط أنابيب قرب العاصمة الرياض لهجوم بطائرات مسيرة، أعقبه آخر في أغسطس/آب الماضي، استهدف حقل الشيبة شرقي المملكة.
وتعتقد مصادر أمريكية أن الهجمات على منشآت “أرامكو” نفذتها طائرات مسيرة وصواريخ باليستية يمكن التحكم بها عن بُعد، وذكر مسؤولون سعوديون في التحالف العربي أن الكشف الأولي على أجزاء من حطام الصواريخ يشير إلى أنها إيرانية الصنع.
تمتلك الولايات المتحدة طائرات استطلاع ومراقبة ورادارات بحرية في مركز الأسطول البحري الخامس في البحرين، وفي قواعدها بالكويت تؤهلها لمعرفة أدق التفاصيل، لكنها حتى الآن لم تقدم للسعودية أية تفاصيل، في الوقت الذي طالب فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السعودية بتقديم ما لديها من معلومات وأدلة حول الهجمات، لكن تقارير أشارت إلى أن واشنطن ستشارك الرياض بالمزيد من المعلومات والتفاصيل لاحقا.
ولا يبدي ترامب تحمسا للحرب مع إيران، سواء مباشرة أو من خلال تشجيع السعودية على الرد العسكري على الهجمات في حال توفر ما يكفي من الأدلة على ضلوع طهران مباشرة بالهجمات أو عبر حلفاء لها في العراق، بعد استبعاد أي احتمال لإمكانية أن تنفذ جماعة الحوثي مثل تلك الهجمات لعوامل تتعلق بالبعد الجغرافي والقدرة على إصابة أهداف حساسة في الموقعين بدقة متناهية.
وفي تغريدات عدة عبر موقع “تويتر”، لم يجزم الرئيس الأمريكي بمسؤولية إيران المباشرة عن الهجمات، في ذات الوقت الذي قلل فيه من احتمالات الرد العسكري الانتقامي على الهجمات التي تعرضت لها السعودية “الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط”، وأن بلاده “ليست ملزمة بموجب المعاهدة بينهما بالدفاع عن المملكة”.
من المحتمل أن تفكر الولايات المتحدة في إرسال تعزيزات عسكرية إضافية إلى منطقة الخليج العربي، تضاف إلى ما لديها من حاملة طائرات وطائرات مقاتلة وطائرات استطلاع ودفاعات جوية وغيرها.
وترفض إيران الاتهامات الموجهة إليها من السعودية والولايات المتحدة.
وفي حين لا يمكن تقدير طبيعة وكيفية الرد السعودي، إلا أن المسؤولين الأمريكيين منقسمون بين اتجاه يؤيد ردا عسكريا أمريكيا، مثل عضو الكونغرس ليندسي غراهام الجمهوري المناهض للسياسات السعودية، واتجاه آخر يعارض أي رد عسكري، مثل عضو الكونغرس ميت رومني، خشية أن يؤدي إلى حرب إقليمية من الصعب التنبؤ بنهايتها، وهو اتجاه يؤيده ترامب الذي تحدث عن إمكانية الرد العسكري لكن “ماذا عن الكيفية التي ستنتهي بها؟”.
ثمة مخاوف من أن المزيد من الهجمات واحتمالات الرد العسكري عليها قد يؤدي إلى تصعيد غير مسبوق في التوتر الذي تشهده منطقة الخليج العربي مذ أعاد ترامب، في مايو/ أيار الماضي، تشديد العقوبات على إيران، وما أعقبها من هجمات على ست ناقلات نفط، واحتجاز إيران لناقلة نفط بريطانية، وإسقاطها طائرة استطلاع أمريكية، وهجمات عدة على البنية التحتية للطاقة السعودية.
غير أنه من غير المستبعد في حال توفر أدلة قاطعة على ضلوع إيران بالهجمات على منشآت “أرامكو” أن تتولى السعودية قيادة رد عسكري “محدود”، يستهدف منشآت نفطية ومنظومات الدفاع الجوي، ومستودعات للصواريخ البالستية في إيران أو في العراق بإسناد أمريكي أو من تحالف دولي يمكن تشكيله بقرار من مجلس الأمن الدولي في حال توفرت أدلة مقنعة.
في كل الأحوال، تعيش السعودية مأزقا حقيقيا في حال ردت عسكريا مع احتمالات تكثيف الهجمات الإيرانية المباشرة أو عبر القوات الحليفة لها على البنية التحتية للطاقة السعودية، مع الإقرار بواقع هشاشة منظومات الحماية وضعف القدرات الدفاعية عنها.
أما في حال حاولت السعودية تجاوز الرد العسكري، فإنها أيضا قد تعطي فرصة لإيران والقوات الحليفة لها بتكثيف الضربات على البنية التحتية للطاقة.
ستحاول السعودية تقليل إمدادات الطاقة للسوق العالمية لوضع دول العالم أمام الأمر الواقع في ما يتعلق بأمنها القومي في استمرار تدفق الطاقة إليها دون مخاطر، بالإضافة إلى إرغام الكونغرس الأمريكي على إعادة النظر في موقفه من إيران والتهديدات التي تشكلها جماعة الحوثي الحليفة لإيران على مرور الطاقة عبر مضيق باب المندب، وحث الإدارة الأمريكية على تقديم مساعدات أكبر للسعودية في حربها ضد الجماعة في اليمن.

(الأناضول)
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير

cron