الوثيقة | مشاهدة الموضوع - لهجة “براغماتية تصالحية” غير مسبوقة للسيد نصر الله في خطابه الأخير حول الأوضاع في لبنان والمنطقة.. هل سيتقبل اللبنانيون نصيحته ويتعاملون بمفرداتها للخروج من الازمة؟ وما هي الخيارات الأخرى المطروحة؟
تغيير حجم الخط     

لهجة “براغماتية تصالحية” غير مسبوقة للسيد نصر الله في خطابه الأخير حول الأوضاع في لبنان والمنطقة.. هل سيتقبل اللبنانيون نصيحته ويتعاملون بمفرداتها للخروج من الازمة؟ وما هي الخيارات الأخرى المطروحة؟

مشاركة » الجمعة ديسمبر 13, 2019 6:34 pm

8.jpg
 
خطابات السيد حسن نصر الله، امين عام “حزب الله” باتت اقل عددا هذه الأيام، واكثر دفاعية ومحلية في الوقت نفسه، ومحصورة في معظمها في الشأن اللبناني، وهذا امر مفهوم ومنطقي في ظل المحاولات الامريكية والإسرائيلية الدؤوبة لحرف الحراك اللبناني الحالي المتصاعد عن مطالبه المشروعة في الاصلاحين السياسي والاقتصادي، وتوجيهه نحو المطالبة بنزع سلاح “حزب الله” باعتباره مصدر الخطر على لبنان، والا فان البديل هو الاقتتال الداخلي والحرب الاهلية.
السيد نصر الله كان مصيبا في هذا الطرح الذي عززه بتصريحات منسوبة الى مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، الذي خير اللبنانيين بين الجوع الأكيد او النهوض والمساعدات “المحتملة” في حال التخلي عن “حزب الله” في تحريض للبنانيين او القطاع المناهض للمقاومة من بينهم ضد الحزب، وجره الى المواجهة المسلحة.
اضعاف المقاومة وتأليب اللبنانيين، او بعضهم ضدها، يصب في المخطط الإسرائيلي الامريكي الذي يريد نزع القوة العسكرية الحامية، لاستقرار لبنان وامنه، تمهيدا للاستيلاء على ثرواته النفطية والغازية في البحر المتوسط، واملاء خرائط وترسيم الحدود البحرية دون أي ضغوط او ردع لتحقيق هذا الهدف.
جميع الشعوب العربية وغير العربية التي وقعت في مصيدة التحريض الأمريكي، وانخرطت في مشاريع زعزعة الاستقرار في بلدانها تحت ذرائع الديمقراطية وحقوق الانسان دفعت ثمنا غاليا ودون ان تنفذ أمريكا وعودها، ومن بينها الشعوب العراقية والسورية والليبية والافغانية، والشيء نفسه في بعض دول أمريكا اللاتينية، ولا نريد التذكير بالحرب الاهلية اللبنانية التي استمرت 15 عاما، وتطورت، او بالأحرى مهدت لاجتياح إسرائيلي للبنان واحتلال جنوبه، وإقامة ما يسمى بالحزام الأمني في حينها، وهو الحزام الذي حررته المقاومة بدماء وارواح شهدائها، ولعل المعاملة الإسرائيلية المهينة والمذلة لعناصر في قوات لحد العميلة احد الأمثلة.
السيد نصر الله، وفي خطاب اليوم كان هادئا ومرنا ويدرس كلماته بعناية، وهذا عائد الى حساسية الوضع اللبناني، وحرصه على السلم الداخلي، وطرق كل الأبواب والخيارات للتسريع بالخروج من الازمة، وانهاء الفراغ السياسي، والمثال الأبرز في هذا الصدد تفنيده لبعض ردود الفعل على تصريحات لمسؤولين إيرانيين في الحرس الثوري تضمنت “حشرا” لعبارة تدمير تل ايبب انطلاقا من لبنان اذا تعرضت طهران لاي اعتداء إسرائيلي، مؤكدا ان هذه التصريحات التي صدرت بالفارسية التي يجيدها لم تتمضن أي إشارة للبنان.
انه خطاب جاء من حيث توقيته لنزع فتيل الغام محلية بالدرجة الأولى، ولهذا اكد حرص حزبه وكتلته على استمرار الحراك من اجل تحقيق مطالبه الإصلاحية المشروعة بالضغط على الحكومة ومؤسساتها، ولهذا عارض استقالة السيد الحريري منذ اللحظة الاولى حتى لا يحدث الفراغ الحكومي والسياسي، ولكن السيد الحريري اختار الاستقالة مما وضع البلاد في مأزق خطير.
ما لم يقله السيد نصر الله الذي رحب بكل الخيارات المطروحة لتشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة السيد الحريري او أي شخص آخر، معارضا بقوة في الوقت نفسه حكومة اللون الواحد، ان هذه الاستقالة، الذي اصر عليها السيد الحريري وفي بداية الحراك جاءت بضغوط أمريكية وعربية (السعودية) من اجل استمرار تأزيم الوضع اللبناني، وتذكرنا في الوقت نفسه بنظيرتها التي امليت عليه اثناء احتجازه في الرياض لخلق ازمة مماثلة لنظيرتها الحالية.
اعترف السيد نصر الله بأنه لا يريد ذكر الأسماء، سواء للدول المتورطة، او للشخصيات المتواطئة في لبنان مع المخطط الأمريكي الإسرائيلي تجنبا للمزيد من المشاكل لبلد يمر بحالة تأزم ربما الأخطر في تاريخه، وهذه حنكة سياسية، وقراءة صحيحة للمشهد اللبناني، اختلف البعض مع الرجل او اتفق، ففي المنعطفات الصعبة يحتاج المرء الى الحكمة والعض على النواجز، وتجنب ردود الفعل الغاضبة، وكظم الغيظ.
مسلسل الضغوط الامريكية على “حزب الله” ودول محور المقاومة الأخرى لن يتوقف قريبا فيما يبدو، فبينما كان السيد نصرالله يلقي خطابه البراغماتي “التصالحي” مساء هذا اليوم، اتخذت السلطات الامريكية قرارا بفرض عقوبات على 3 شخصيات و17 لبنانية أوروبية شركة تتهمها بغسل الاموال وتمويل “حزب الله” الذي تعتبره تنظيما ارهابيا.
السيد نصر الله وجه نصيحتين الى اللبنانيين، الاولى الاتعاظ تجارب دول عربية قبلت بشروط أمريكية وتخلت عن دورها وسيادتها مقابل الحصول على مساعدات أمريكية، وفقدت الدور والسيادة ولم تحصل الا على الفتات وعدم الاستقرار، والثانية التحلي بالصبر، والمزيد منه، لان حل الازمة اللبنانية سيأخذ وقتا طويلا.
لعل ما نسبه من تصريحات الى السيدة كرافت، مندوبة امريكا في الأمم المتحدة التي قالت فيها “ان المظاهرات ستستمر في لبنان واليمن، واي مكان تتواجد فيه ايران” وليس يتواجد في الفساد قد يفسر أسباب عدم تفاؤله بحل قريب للازمة اللبنانية في ظل الانقسامات المتفاقمة بين النخبة الحاكمة في لبنان، واختراق بعضها أمريكا واسرائيليا.
السيدة كرافت تريد ضرب عصفورين بحجر واحد، أي الإساءة للحراك ومنطلقاته المشروعة، والتحريض ضد “حزب لله” ومحور المقاومة في الوقت نفسه، وهذا اخطر أنواع الشر في دولة الشر الأكبر، واذا اخطأنا صححونا من فضلكم.
“راي اليوم”
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى اراء