الوثيقة | مشاهدة الموضوع - انسحاب اثيوبيا من الجولة الأخيرة من مفاوضات سد النهضة طعنة مسمومة في ظهر مصر بدعم امريكي إسرائيلي.. لماذا جاءت هذه الخطوة بعد زيارة بومبيو لاديس ابابا؟ وكيف يجب ان يكون الردان المصري والعربي؟
تغيير حجم الخط     

انسحاب اثيوبيا من الجولة الأخيرة من مفاوضات سد النهضة طعنة مسمومة في ظهر مصر بدعم امريكي إسرائيلي.. لماذا جاءت هذه الخطوة بعد زيارة بومبيو لاديس ابابا؟ وكيف يجب ان يكون الردان المصري والعربي؟

مشاركة » الخميس فبراير 27, 2020 3:17 pm

21.jpg
 
نسفت القيادة الاثيوبية مفاوضات سد النهضة الثلاثية (مصر والسودان واثيوبيا) التي كان من المقرر ان تعقد جولتها الأخيرة غدا الجمعة في واشنطن برعاية الإدارة الامريكية وصندوق النقد الدولي، وتوقيع اتفاق توصلت اليه الجولات السابقة يتعلق بملئ خزان السد بالمياه الذي كان موضع خلاف، خاصة من جانب مصر، وتسلمت الدول المعنية مسودته النهائية.
كان لافتا ان هذا الموقف الاثيوبي الصادم، والمفاجئ، جاء بعد زيارة مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي الى اديس ابابا الأسبوع الماضي، وادلائه بتصريحات قال فيها ان مفاوضات سد النهضة الثلاثية قد تمتد لعدة اشهر مطلقا رصاصة الرحمة على لقاء واشنطن الأخير، ومتراجعا عن تصريحات سابقة قال فيها ان الاتفاق سيعلن نهاية هذا الشهر، أي شباط (فبراير) الحالي.
هذا الانسحاب الاثيوبي يعني طعنة “مسمومة”، وربما خطوة ابتزازية جديدة لمصر في الوقت نفسه، لإجبارها على القبول بالشروط الاثيوبية كاملة دون أي نقصان، فاثيوبيا تعتبر كل القضايا المتعلقة بسد النهضة، سواء موعد تشغيله، والمدة المطلوبة لملئ خزانه، وحصص المياه، مسائل سيادية اثيوبية بحته ممنوع على الآخرين، وخاصة مصر، الخوض فيها على الاطلاق.
الوفدان المصري والسوداني المشاركان في مفاوضات واشنطن الثلاثية غادروا فعلا الى امريكا، والدبلوماسية المصرية تقوم على أساس احراج الطرف الاثيوبي المقاطع امام الحليف الأمريكي المشترك، ولكن من الواضح ان هذا الطرف لا يشعر بأي احراج، لأنه حسم امره وانحاز بالكامل الى جانب اثيوبيا على حساب الحليف المصري.
مصر تطالب، محقة، بالحصول على حصتها المقدرة بحوالي 55.5 مليار متر مكعب من المياه سنويا كاملة دون أي نقصان، وان لا تؤثر عملية ملئ خزان سد النهضة سلبا على هذه الكمية، إلا في الحدود الدنيا، وعرض وفدها المفاوض ان تمتد فترة ملئ الخزان الى اكثر من سبع سنوات كحد ادنى، ولكن نظيره الاثيوبي يرفض ذلك ويريد اختصار المدة من ثلاث الى اربع سنوات فقط، حسب التسريبات غير الرسمية، مما سيقلل خصة مصر الى حوالي 30 مليار متر مكعب، او اكثر قليلا.
هذا الانحياز الأمريكي للموقف الاثيوبي تقف خلفه دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تقيم علاقات وثيقة جدا مع الحكومة الاثيوبية، وتعتبرها محور ارتكاز رئيسي لسياسة اختراقها للقارة الافريقية، وتريد تأجيج الصراع وجر مصر الى حرب استنزاف إقليمية.
انسحاب اثيوبيا يعني مضيها قدما في خططها التي تهدف الى املاء شروطها على مصر بحجة ان النيل الأزرق الذي ينبع من مرتفعاتها يشكل 80 بالمئة من مياه النيل، وهي صاحبة الحق الأكبر في التصرف بمياهه، باعتبار السودان دولة ممر ومصر دولة مصب، وهذا يشكل تهديدا وجوديا لمصر، وتجويع حوالي خمسة ملايين فلاح مصري، وتقليص كمية كهرباء السد العالي، ومنسوب المياه فيه، وبحيرة ناصر بالتالي.
لجوء السلطات المصرية الى التهدئة وضبط النفس وتجنب التصعيد لا يخفي حقيقة أساسية وهي ان هذا لموقف الاثيوبي المدعوم أمريكيا واسرائيليا هو “اعلان حرب” لا يجب السكوت عنه بأي شكل من الاشكال.
اسرائيل لا تريد مصر قوية مستقرة، وتحاول خلق الازمات لها من خلال استخدام الورقة الاثيوبية، ومياه النيل نقطة ضعف امنها المائي الاستراتيجي، لتقويض كل انجازات التعافي الاقتصادي الحالية، ونسف معدلات التنمية السنوية التي تتجاوز نظيراتها الصينية وتصل الى ما نسبته 8 بالمئة، حسب تقارير صندوق النقد الدولي.
مصر مهددة أمريكيا واسرائيليا، وسد النهضة في رأينا في هذه الصحيفة “راي اليوم” هو ابرز أدوات التهديد، ولهذا يجب ان تقف الامة العربية بأسرها في خندقها وتقديم كل وسائل الدعم لها، سياسيا واقتصاديا وعسكريا اذا لزم الامر، وبغض النظر عن الاتفاق او الاختلاف مع حكومتها الحالية، فالمسألة مسألة حياة او موت.
مئة مليون مصري شقيق يواجهون خطرا وجوديا كبيرا، يتعلق بحاضرهم ومستقبلهم وامنهم المائي والغذائي، ونحن في هذه الصحيفة لا نتردد مطلقا في الانحياز لهم، والوقوف في خندقهم، رغم خلافنا معه في العديد من سياسات النظام الحاكم.
“راي اليوم”
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى اراء