الوثيقة | مشاهدة الموضوع - مقدمات لا تبشر بخير في الانتخابات العراقية المرتقبة : مصطفى العبيدي
تغيير حجم الخط     

مقدمات لا تبشر بخير في الانتخابات العراقية المرتقبة : مصطفى العبيدي

مشاركة » الأحد مايو 31, 2020 3:14 pm

8.jpg
 
بغداد-“القدس العربي”: إجراء انتخابات نزيهة مبكرة في العراق، كان أول مطالب التظاهرات الاحتجاجية التي تجتاح البلد منذ تشرين الأول/اكتوبر الماضي وحتى الآن، باعتبارها الخطوة الأولى لتصحيح العملية السياسية الفاشلة والفاسدة التي أوصلت البلد إلى حافة الانهيار الشامل.

ومع قدوم أول عيد على انتفاضة تشرين الأول/اكتوبر، جدد المتظاهرون النزول إلى الشوارع ضاربين عرض الحائط، التحذيرات الحكومية من جائحة كورونا التي تفشت في البلد، ومهددين بعواقب إصرار مفوضية الانتخابات الجديدة على تعيينات وتغييرات في كبار موظفي المفوضية، تؤدي إلى تكريس المحاصصة الحزبية واستمرار التلاعب المتوقع في نتائج الانتخابات المقبلة، حسب تنسيقيات التظاهرات والعديد من القوى السياسية.

وكان تغيير مجلس مفوضية الانتخابات بقضاة عام 2019 هو أحد ثمار انتفاضة تشرين الأول/اكتوبر بهدف تصحيح التلاعب والتزوير الواسع الذي شهدته انتخابات عام 2018. إلا أن الإجراءات الأخيرة للمفوضية وتمسكها بموظفين ثبت فسادهم وتلاعبهم بنتائج الانتخابات الماضية، أكد أن أحزاب السلطة ما زالت تتحكم بقيادات الصف الثاني في المفوضية ومَن يليهم في كادرها الإداري، ما يعزز التوقعات بمواصلة تزوير إرادة الشعب، وهو ما فجر غضب التظاهرات التي عاودت الظهور وبقوة، وكررت مهاجمة مقرات بعض الأحزاب والميليشيات في المحافظات الجنوبية، مع التهديد بعودة زخم التظاهرات إلى الشوارع والميادين رغم مخاطر جائحة كورونا.

وقد أصدرت تنسيقيات الانتفاضة، بيانات وتصريحات رفضت فيها الإجراءات الإدارية الأخيرة لمفوضية الانتخابات وتدوير مدراء الفروع والأقسام فيها، رغم الاعتراضات السابقة ودلائل تورط أغلبهم في التزوير لصالح أحزاب السلطة خلال الانتخابات السابقة، إعادة هذه الإجراءات دليل على نية مبيتة للتلاعب بنتائج الانتخابات المقبلة ولتكريس بقاء تلك الأحزاب في السلطة، رغما عن الإرادة الشعبية.

وقد توعدت التنسيقيات بتصعيد فعاليات التظاهرات حتى تحقيق المطالب المشروعة، وأولها محاسبة قتلة المتظاهرين وإجراء انتخابات نزيهة مبكرة. وترافق ذلك مع تظاهرات حاشدة في النجف من قبل عائلات شهداء التظاهرات، حيث تحولت زيارة مقابر الشهداء في العيد، إلى تظاهرات غاضبة في صحن الإمام علي (رض) انضم إليها مئات المتظاهرين. كما شهدت شوارع محافظات البصرة والديوانية والناصرية، تظاهرات واسعة رفعت فيها توابيت رمزية وصور لشهداء الانتفاضة، مع ترديد هتافات تطالب بمحاكمة قتلة المتظاهرين وتغيير المفوضية الحالية بمفوضية بعيدة عن سيطرة الأحزاب.

وإضافة إلى مشاعر الإحباط التي تسود في أوساط الشارع الغاضب إزاء مستقبل العملية الانتخابية، فقد حذرت العديد من القوى السياسية، من تداعيات مضي مفوضية الانتخابات في تكرار عمليات تحريف نتائج الانتخابات المقبلة.

فالنائب عن كركوك خالد المفرجي أكد أن “تدوير الوجوه في مفوضية الانتخابات ينذر بانتخابات غير نزيهة” مبينا أن الأحزاب اخترقت مرة أخرى المفوضية للتأثير على عملها وتمت إعادة مسؤولين فيها ثبت فسادهم وانحيازهم بالأدلة، ما يعني أن “لا تغيير في منهجية المفوضية”.

وفيما تمسك رئيس ائتلاف الوطنية أياد علاوي، بـ”تحديد موعد للانتخابات المبكرة بعد إصدار قانون جديد للانتخابات ومفوضية جديدة” وتأكيده أن “التعيينات داخل المفوضية مبنية على المحاصصة” مشيراً إلى أن “هذا الأمر لا يمكننا السماح به وسيكون مدخلا إلى الفوضى” فإن رئيس الجبهة التركمانية النائب أرشد الصالحي، حذر من نتائج الانتخابات المقبلة، داعيا المفوضية لإعادة النظر في قراراتها، لأن نهج الأحزاب في التزوير عبر المفوضية مستمر، محذرا بشدة من أنه “إذا جرت الانتخابات مع هذه المفوضية فإن كركوك ستضيع من العرب لصالح الكرد”.

أما رئيس مؤسسة المستقبل انتفاض قنبر، فقد أكد أن “الكتل والأحزاب التي تمتلك فصائل مسلحة موالية لإيران تواصل ضغطها على حكومة مصطفى الكاظمي، وتسعى للإستحواذ على السلطة وضمان النفوذ” محذرا من أن امتلاك الأحزاب للمال والسلاح ينذر بإعادة سيناريو بيع وشراء المناصب ويهدد نزاهة الانتخابات المبكرة.

وفي السياق استغرب النائب حسن توران، لجوء المفوضية إلى التعاقد مع الشركة الكورية المسؤولة عن تجهيز أجهزة العد الإلكتروني نفسها، وهي الأجهزة التي اثيرت ضدها اتهامات في الانتخابات السابقة بامكانية التلاعب بنتائج عد أصوات الاقتراع من خلالها.

وجاء تقرير مفوضية حقوق الإنسان في الأمم المتحدة قبل أيام، حول الانتهاكات في تظاهرات العراق وتزايد (حالات الاختطاف والتعذيب والاختفاء القسري) فيها، ليعزز الحراك الجماهيري، وخصوصا دعوة التقرير للحكومة العراقية للتحقيق في مئات حالات القتل والخطف لمتظاهري وناشطي التظاهرات والاستخدام المفرط للقوة ضدهم، مستغربا “غياب المساءلة عن هذه الأفعال ومرتكبيها”.

ورغم أن مكتب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، رد على التقرير الأممي، بأن “الحكومة تجدد الالتزام بالتحقيق النزيه والمستقل في الأحداث المشار إليها في التقرير” إلا أن الحراك لم يلمس حتى الآن إجراءات عملية على أرض الواقع. علما أن الأمم المتحدة وثقت منذ اندلاع التظاهرات في بداية تشرين الأول/أكتوبر الماضي، مقتل 490 ناشطا ومتظاهرا وإصابة 7883 آخرين بجراح.

ويبدو واضحا للمراقبين والأوساط الشعبية، أن مفوضية الانتخابات الجديدة فشلت في أول اختبار لها، عندما شكلت مجلس المفوضية والقيادات الإدارية فيها وفقا للمحاصصة بما يخدم الأحزاب المتنفذة، ويعزز قدرتها على التلاعب بنتائج الانتخابات المقبلة وإجهاض الإرادة الشعبية، ما يعني أن الانتخابات لن تكون أفضل من سابقاتها منذ 2003 بل يراد لها أن تكرس هيمنة تلك الأحزاب على السلطة، وان تجهض آمال الإصلاحات أو التغيير في العراق، مما ينذر بعودة زخم الانتفاضة وتصاعدها وسط أجواء تدهور الأوضاع الاقتصادية والصحية والأمنية.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات