لندن ـ «القدس العربي»: عادت التكهنات مجدداً في أوساط العلماء حول وجود محاولات غريبة من الفضاء الخارجي للاتصال بكوكب الأرض، وقال العلماء إن من الممكن جداً أن يكون ثمة كائنات فضائية تحاول الاتصال بالبشر أو تريد الوصول إلى كوكب الأرض.
وتمكن العلماء من تحديد الأصل «الغريب» لانفجار عالي الطاقة من الموجات الراديوية سافر ثمانية مليارات سنة عبر الفضاء قبل أن يصل إلى الأرض.
وتعتبر الإشارة، المعروفة أيضاً باسم الانفجارات الراديوية السريعة «FRB» واحدة من مئات الانفجارات العابرة للطاقة التي تم اكتشافها على مر السنين والتي تكهن بعض علماء الفلك بأنها قد تكون حياة فضائية تحاول الاتصال بكوكبنا.
وحسب تقرير نشرته جريدة «دايلي ميل» البريطانية، واطلعت عليه «القدس العربي» فإن العلماء ما زالوا لا يعلمون الآلية وراء هذه الظاهرة غير العادية، إلا أنهم وجدوا أن الانفجارات الراديوية السريعة جاءت من مجموعة من المجرات التي كانت موجودة عندما كان عمر الكون خمسة مليارات سنة فقط.
وباستخدام تلسكوب «هابل» التابع لوكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» نظر الفريق إلى الفضاء السحيق والتقطوا صورة واضحة للمجرات المزدحمة بإحكام.
وقد تبين أن «FRB» الذي أطلق عليه العلماء اسم «FRB 20220610A» هو الأقوى والأبعد على الإطلاق الذي تم اكتشافه عندما اعترضه علماء الفلك في عام 2022.
ومع ذلك، فقد احتار الباحثون منذ ذلك الحين بشأن أصول انفجار الطاقة، إلى أن تمكن الفريق مؤخراً من تحديد سبع مجرات مكتظة بإحكام كموطن لهذه الانفجارات ومصدر لهذه الاشارات.
ووفقاً لعالمة الفلك يوكسين (فيك) دونغ، التي عملت في الفريق بجامعة نورث وسترن لدراسة الأصول الغريبة لهذه الانفجارات «لم يتم رؤية أي منها على الإطلاق في مثل هذه المجموعة المدمجة». وقالت: «موطن ميلادها نادر حقاً».
واتفقت أليكسا غوردون، التي قادت الدراسة الجديدة في نورث وسترن، مع هذا الرأي، مضيفة: «هذه الأنواع من البيئات، هذه البيئات الغريبة، هي التي تدفعنا نحو فهم أفضل لغموض FRBs».
وتظهر هذه الومضات الضوئية الغريبة الساطعة، التي تسجل في النطاق الراديوي للطيف الكهرومغناطيسي، بشكل مؤقت وعشوائي من الفضاء.
وربما تكون قد نشأت من الثقوب السوداء أو النجوم النيوترونية أو حتى الكائنات الفضائية، وتتراوح مدة اختفائها من جزء من الملي ثانية إلى بضع ثوانٍ قبل أن تختفي دون أثر. وزعم عالم الفلك برايان لاكي في مجلة كامبريدج الدولية لعلم الأحياء الفلكية أن المجرات المزدحمة بإحكام والتي تم رصدها في أحدث الأبحاث ستكون أسهل للحضارة الفضائية المتنامية للقفز بين الكواكب.
وقال إن أصل «FRB 20220610A» في مجموعة كثيفة من المجرات يعني أن أي كائنات فضائية متقدمة سيكون لها بداية دراماتيكية في إعداد راديو البحث عن الذكاء خارج الأرض «SETI».
و«SETI» هو برنامج يبحث عن موجات الراديو والإشارات الضوئية في الكون والتي يمكن أن تكون علامات على التكنولوجيا الفضائية. ولكن هذه المجموعة الكثيفة من المجرات قد تثبت ذات يوم نظرية بديلة: وهي أن هذه الانفجارات الراديوية السريعة تنتج عن تصادمات انفجارية بين النجوم النيوترونية والأجرام السماوية الأخرى.
وقبل التصوير الذي تم الحصول عليه من هابل، والذي تم نشره في وقت سابق من هذا العام، لم يكن علماء الفيزياء الفلكية وعلماء الفلك على يقين من ما إذا كان مصدر الانفجار هو مجرة عملاقة ذات شكل غير متبلور أو مجموعة من المجرات ذات الحجم المتواضع التي تدور حول بعضها البعض.
وقال غوردون في بيان لوكالة ناسا إنه «بدون التصوير الذي تم الحصول عليه من هابل، سيظل الأمر لغزاً فيما يتعلق بما إذا كانت هذه الانفجارات الراديوية السريعة قد نشأت من مجرة متجانسة واحدة أو من نوع ما من النظام المتفاعل».
ووفقاً لغوردون، فإن الاصطدامات والتفاعلات الأخرى بين الأجرام السماوية في هذه المجرات السبع قد تؤدي إلى تكوينات نجمية متطرفة.
وبعبارة أخرى، قد يعني النشاط الفوضوي في هذه المجموعة المزدحمة من المجرات أن هذه الانفجارات الراديوية السريعة القوية والبعيدة بشكل غريب هي طاقة تم إطلاقها من إضاءة النجوم الوليدة. وأشار عالم الفلك الشمالي الغربي وين فاي فونغ، الذي عمل أيضاً في المشروع، إلى أن صور هابل الجديدة تظهر أشكالاً مستطيلة أو «حكايات مدية» تتبع بعض هذه المجرات السبع، ما يشير إلى أنها ربما تعرضت لتصادمات.
وقال فونغ: «هناك بعض الدلائل على أن أعضاء المجموعة يتفاعلون». وأضاف: «بعبارة أخرى، يمكن أن يتاجروا في المواد أو ربما في طريقهم إلى الاندماج».
وتم الاكتشاف الأولي لهذه الاشارات الفضائية في حزيران/يونيو 2022 بواسطة تلسكوب «ASKAP» الراديوي في أستراليا. وتم تأكيده لاحقاً بمساعدة تلسكوب «VLT» الكبير جداً التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي.
وقال عالم الفلك الدكتور ستيوارت رايدر، وهو زميل مساعد من جامعة ماكواري في أستراليا، والذي حدد فريقه الانفجار لأول مرة في عام 2022: «باستخدام مجموعة أطباق ASKAP تمكنا من تحديد مصدر الانفجار بدقة».
ويأمل علماء الفلك والفيزياء الفلكية أن تساعد هذه الأنواع من FRBs البعيدة – حتى لو لم يثبت أن أياً منها رسائل فضائية مشفرة- في العثور على آثار يصعب رؤيتها للسحب الغازية وغيرها من المواد المخفية في أعماق الفضاء.
ونشأ هذا المفهوم مع عالم الفلك الأسترالي الراحل جان بيير ماكوارت في عام 2020 الذي اقترح طريقة لاستخدام FRBs لقياس المادة المفقودة في الكون بدقة.
وقال رايدر: «أظهر جان بيير ماكوارت أنه كلما ابتعدت دفقة راديوية سريعة، كلما كشفت عن غاز أكثر انتشاراً بين المجرات، وهذه النظرية معروفة الان باسم (علاقة ماكوارت)».
ويستكشف الفريق في نورث وسترن هذا الاستخدام المحتمل للبيانات الجديدة التي تم سحبها من «FRB 20220610A» ومجرتها الغريبة البعيدة أيضاً.