لم يكن هذا أسبوعاً ناجحاً لمحور إيران في الشرق الأوسط. بعد بضعة أيام على اضطرار إيران وحزب الله على الموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار بشروط غير مريحة لهم في لبنان، وربما أيضاً بإلهام منه، تغير الوضع كلياً في سوريا في غير صالح نظام الأسد.
للمرة الأولى منذ ساعد التدخل العسكري الروسي النظام في سوريا على تحقيق نوع من الانتصار، وإعادة ثلثي أراضي الدولة إلى سيطرته في 2018، حصل المتمردون السنة على إنجاز مهم. رجال “تحرير الشام”، النسخة الحالية لفرع “القاعدة” في سوريا، قادوا هجوماً مفاجئاً لمنظمات المتمردين بدعم من تركيا، من منطقة إدلب إلى مدينة حلب شمال غرب الدولة. الهجوم أمسك بالمحور من نقطة ضعفه: إيران غارقة في معالجة الأضرار التي لحقت بحزب الله، الذي سيجد صعوبة الآن في إرسال مقاتلين لمساعدة الرئيس بشار الأسد. النظام نفسه يسيطر بصعوبة ويدفع رواتب ضئيلة للجنود، وهو ينشغل في نشر المخدرات، حبوب الكبتاغون، في المنطقة والعالم.
انسحب جنود الأسد من مناطق كثيرة في حلب، بدون قتال تقريباً. ويبدو أنهم سيحتاجون إلى مساعدة جوية روسية، الغارقة في الحرب في أوكرانيا، لإعادة سيطرتهم على المدينة.
يعلن المتمردون الآن عن نية التقدم جنوباً، نحو مدينة حماة. أمس، نشر عن هرب قوات الجيش السوري جنوباً، من محافظة حماة نحو حمص. وتيرة تقدم المتمردين تفوق كل التوقعات. نظام الأسد يتعرض مرة أخرى لخطر كبير يهدد وجوده. الرئيس نفسه في موسكو الآن، وليس واضحاً متى سيعود – حيث تنتشر شائعات في دمشق عن محاولة انقلاب نفذته جهات في النظام. بشكل غير مباشر، خلق زعيم حماس السنوار، في السنة الماضية رداً متسلسلاً، يتم الشعور به الآن حتى دمشق. نتساءل إذا ما كانت إيران، بأثر رجعي، تعتقد أن السنوار قد ارتكب خطأ.
بالنسبة لإسرائيل، هذه أنباء جيدة، لأنها ستركز اهتمام إيران وجهودها على ساحة بعيدة نسبياً عن المواجهة معها. قبل ذلك، تحدثت “تل أبيب” عن الحاجة لاستخدام ضغط غير مباشر على الأسد لإضعاف تحالفه مع إيران بعد إنهاء القتال في لبنان. الآن، يزداد اعتماد الرئيس السوري على إيران وروسيا، لكن لطهران سبباً آخر للقلق.
أجرى رئيس الحكومة نتنياهو أول أمس مشاورات هاتفية ليلاً حول ما يحدث في سوريا، لكن القلق الاستراتيجي الرئيسي الذي يشغله هو إيران. تقدر إسرائيل أن نظام طهران قلق جداً من عودة الرئيس ترامب إلى الصورة، وسيحاول البحث عن طريقة للتوصل إلى اتفاق جديد مع الولايات المتحدة، وكبح المشروع النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية. ولكن جهاز الأمن لا يستبعد إمكانية اتخاذ إيران مقاربة معاكسة، والإعلان عن التوصل إلى القدرة النووية إذا تولد لديها انطباع بأن المفاوضات غير مثمرة.
نتنياهو يتحدث عن فرصة تاريخية لمعالجة المشروع النووي الإيراني، لا سيما بعد إضرار كبير بمنظومة الدفاع الجوية الإيرانية في الهجوم الجوي في 26 تشرين الأول الماضي. ستتضح الأمور بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
أما في جنوب لبنان فيواصل الجيش الإسرائيلي تنفيذ قواعد لعب جديدة بالنيران. هوجمت في الأيام الأخيرة عدة خلايا لحزب الله حاولت اجتياز المنطقة جنوب الليطاني، أو قامت بنشاطات مشبوهة قرب قواعد لإطلاق الصواريخ. تحاول إسرائيل التلميح إلى سياسة فتح نار مشددة، وتصعيد الردود عند الحاجة. لم يبق على الأرض سوى طواقم حربية لوائية، ترتكز إلى وحدات الجيش النظامي. وتم تسريح معظم وحدات الاحتياط. وإذا استقر الوضع الأمني فسيفحص الجيش الإسرائيلي إذا كان سيوصي سكان المستوطنات الذين تركوا بيوتهم بضمان عدم إطلاق صواريخ مضادة للدروع أمام العودة إلى بيوتهم.
الجنرال الأمريكي الذي سيترأس طاقم الرقابة ومساعدة الجيش اللبناني وصل أمس إلى بيروت. في محادثات مع الضباط الأمريكيين، يحاول ممثلو الجيش الإسرائيلي التأكيد على الحاجة لعدم تكرار الأخطاء في القرار 1701 من العام 2006. في حينه، امتنعت قوة اليونيفيل والجيش اللبناني عن تمشيط ما وصف بالأملاك الخاصة، بيوت خبأ فيها حزب الله السلاح، وغضت الحكومة اللبنانية بصرها عن إدخال السلاح إلى الجنوب ما لم يحمله رجال حزب الله بشكل ظاهر.
هآرتس