الوثيقة | مشاهدة الموضوع - إسرائيل والسؤال المحير: ما سر تأييد الغزاويين لحماس؟ متابعات
تغيير حجم الخط     

إسرائيل والسؤال المحير: ما سر تأييد الغزاويين لحماس؟ متابعات

مشاركة » الاثنين ديسمبر 02, 2024 9:14 pm

4.jpg
 
المشاورات الأمنية التي أجراها رئيس الوزراء ووزير الدفاع وكبار قادة الجيش في قيادة المنطقة الجنوبية أول أمس تبشر بانتهاء قريب للمرحلة الأكثر كثافةً في الحرب في قطاع غزة. قريباً سيعلن عن انتهاء العملية في رفح. الاتجاه آخذ في الظهور- تخفيض للقوات في القطاع، الانتقال إلى أسلوب الاقتحامات والانقضاض على أهداف حماس هناك، وإرسال وحدات إلى الحدود الشمالية. السؤال الرئيسي هو: كيف سيتم تغليف العملية برواية تقنع الجمهور أن الحكومة والجيش الإسرائيلي حققوا جزءاً كبيراً من أهداف الحرب، رغم أن حماس لم تهزم تماماً، وأن المخطوفين لم يعودوا حتى الآن.

الجيش سيحتفظ الإسرائيلي بقوات في ممر نتساريم، الذي يشطر القطاع شطرين، شمالي وجنوبي. ويتعلق أحد النقاشات حول محور فيلادلفيا على الحدود مع مصر، بمسألة أي جزء من المحور يجب مواصلة الاحتفاظ به. في الوقت الحالي، يبدو أنه لن يكون هناك انسحاب من معبر رفح بسبب صعوبة التوصل إلى اتفاق مع المصريين. نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية تقديرات للجيش الإسرائيلي حول حفر 40 نفقاً تحت الحدود، وقد تم الكشف عن نصفها تقريباً. والحقيقة أن الاستخبارات لم تعرف الرقم على وجه اليقين، وبالتأكيد لا يعرف عدد الأنفاق غير المكتشفة حتى الآن.

إسرائيل تعتبر محور فيلادلفيا أنبوب الأوكسجين لحماس، والذي من خلاله ومن خلال معبر رفح تم تهريب السلاح والبضائع إلى القطاع خلال عشرين سنة. وهي تريد أن تصل إلى تفاهمات مع مصر حول طبيعة السيطرة على هذا المحور وإخلائه في مرحلة لاحقة، كما أن هناك مسألة أهم من مسألة العائق المادي الذي يجب بناؤه ضد حفر أنفاق أخرى، وهي: ما هي وسائل الكشف (الحساسات التي سيتم تركيبها بالقرب منه). يهم إسرائيل أن تكون الحساسات من إنتاجها، بحيث ترسل معلومات للجيش الإسرائيلي و”الشاباك”، وهكذا ستضمن إعطاء إنذار في حالة حفر أنفاق أخرى.

الرسالة التي يريد نقلها كل من يوآف غالنت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي، هي أن الهجوم الواسع في رفح يشير إلى تفكيك الذراع العسكري لحماس في إطاره الحالي. آخر الكتائب القطرية لهذه المنظمة تم إخراجها من الخدمة. ما زالت حماس نشطة، ولكنها تفعل ذلك في إطار جديد من خلايا إرهابية وعصابية جديدة، وحجم الضرر الذي قد تسببه صغير، وتقريباً بدون سلسلة قيادة وسيطرة. ورغم إطلاق نحو عشرين صاروخاً من خان يونس أمس نحو مستوطنات غلاف غزة، فإن تهديد إطلاق النار نحو النقب ومركز البلاد تقلص كثيراً.

ثمة حاجة إلى مواصلة محاربة حماس، لكن هذا سيتم في إطار “قص العشب” المعروف من الضفة الغربية – اقتحامات متكررة لأهداف للمنظمة، واعتقال مخربين ونقلهم إلى “الشاباك” للتحقيق معهم. ولكن المشكلة وجود رسالة معقدة، يصعب على الجمهور استيعابها، وخاصة إزاء الأهداف التي طرحت في بداية الحرب. اضافة إلى ذلك، لم يتنازل نتنياهو كلياً حتى الآن عن وعده بالنصر المطلق والقريب، الأمر الذي لا يتساوق مع مقاربة غالنت – هاليفي.

منذ أسبوع تقريباً، والجيش الإسرائيلي يعمل في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة. هذه المنطقة جرت فيها معارك صعبة منذ تشرين الثاني – شباط في عمليتين مختلفتين. اللواء 7 الذي يعمل هناك، يتحدث عن قتال ضد عشرات الخلايا بالصواريخ المضادة للدروع التابعة لحماس. وهذا يدل على قدرة إعادة تأهيل سريعة لدى حماس أو أن ما فعله الجيش الإسرائيلي في العمليتين السابقتين هناك لم يكن كاملاً، خلافاً لما فهمه الجمهور وبعض وسائل الإعلام. قبل دخول الشجاعية مرة أخرى، جرى نقاش لدى قيادة المنطقة الجنوبية: كان هناك ضباط استصعبوا فهم طبيعة المهمة الملقاة عليهم الآن.

نصر غير حاسم

هنالك موضوع رفح نفسها الآن. أصر نتنياهو على عملية رفح، رغم معارضة إدارة بايدن، بالأساس لأسباب سياسية داخلية. الجناح اليميني المتطرف في حكومته، ضغط عليه كي يرسل قوات الجيش الإسرائيلي لاحتلال المدينة، وحول نقاشاً تكتيكياً مهنياً إلى اختبار للشجاعة. في ظل قيود التسليح التي فرضها الأمريكيون وعقبات أخرى تقرر القيام بعملية مقلصة (وهو أمر لم يتم شرحه علناً). لقد شن العملية بجزء من فرقة واحدة بدلاً من فرقتين. وعملياً، لم يتم احتلال المدينة بالكامل في أي وقت. كان في نصف مساحتها تواجد جزئي للجيش الإسرائيلي. إن هروب المدنيين الفلسطينيين من رفح مع بدء العملية، وقرار حماس الاحتفاظ بجزء من المسلحين كقوة احتياط خارج المدينة، قلص الاحتكاك العسكري هناك.

معظم خسائر الجيش الإسرائيلي نبعت من هجمات من بعيد، وُجهت نحو نقاط ضعيفة. والدة أحد الجنود الذين قتلوا في رفح الأسبوع الماضي، قالت إنها سمعت ابنها عندما أصيب بنار قناص فلسطيني وهو يتحدث معها عبر الهاتف المحمول. للأسف، الكارثة تدل على وجود مشكلة في الانضباط العملياتي – استخدام الهواتف المحمولة داخل منطقة قتال وفي مكان مكشوف لنيران العدو.

هناك معياران رئيسيان يجب قياسهما بشأن هزيمة العدو في قتال كهذا: احتلال الأرض وتطهيرها، وقتل المسلحين. الاحتلال في رفح كان جزئياً، والجيش الإسرائيلي يسارع إلى إخلاء جزء مما تم احتلاله. بخصوص القتلى، يبدو أن الإنجاز محدود، في نهاية الأسبوع الماضي، قدرت قيادة المنطقة الجنوبية أنه تم قتل 70- 230 مخرباً من بين الألف مخرب في كل كتيبة من كتائب حماس الأربع. ارتفعت الأرقام منذ ذلك الحين، ولكنها لا تصل إلى نصف القوة المحاربة، وهذا الرقم قد يشير إلى هزيمة. والصعوبة تنبع أيضاً من قرار محسوب لحماس بتقليص الاحتكاك من أجل تقليل المصابين.

يجب عدم الاستخفاف بالجهد المبذول في رفح، ولكن يصعب التحرك بناء على شك بأننا شاهدنا مشهداً مفبركاً يفيد بأن الذهاب إليه أيضاً نابع من ضغوطات سياسية. وبعد انسحاب جزئي من المدينة سيحلق سؤال: هل حققنا انتصاراً حاسماً على حماس؟ يبدو أن تأييد سكان قطاع غزة لحماس بقي عالياً. ما زالت حماس تحافظ على قدرات تنظيمية وسلطوية، وتحتفظ بجزء لا بأس به من قدراتها العسكرية، ربما هذا ما يمكن تحقيقه الآن في ظل قيود الوضع الإقليمي، ولكن يجدر قول هذا للجمهور بصورة واضحة ومباشرة.

فشل ذريع

على هامش الأمور، جرى أمس فشل ذريع آخر يعتبر نموذجياً لأيام نتنياهو الحالية، في قضية إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء في غزة، الذي كان معتقلاً في إسرائيل لمدة سبعة أشهر. مهرج الأمن القومي، بن غفير، تبادل الاتهامات أمس مع العالم كله، بل طالب بإقالة رئيس “الشاباك” رونين بار، بعد أن تبين بأن المدير محمود أبو سلمية أطلق سراحه بسبب اكتظاظ المكان في السجون.

غاب عن هذا النقاش الإعلامي الصاخب السؤال: هل كانت هناك أدلة كافية لاعتقاله، باستثناء الشبهة الإسرائيلية العامة بشأن تعاون إدارة مستشفى الشفاء مع ذراع حماس العسكرية، والذي استخدم هذه المنشأة لأغراض عسكرية، وهذا يضع ادعاءات إسرائيل حول تورط إدارة مستشفى الشفاء بالإرهاب، بعد قصف المستشفى في كانون الأول الماضي، في ضوء غير جدي.

عملياً، بن غفير، غير القادر على إدارة أي شيء بصورة جدية سوى عملية إفساد الشرطة وجعلها جهازاً متطرفاً ومثلها مصلحة السجون – هو المسؤول الرئيسي عن الحدث. على الرغم من أن مكتبه ومصلحة السجون تلقت أموالاً ضخمة منذ تشرين الأول لتمويل احتجاز آلاف المعتقلين الأمنيين الآخرين، فإنهم فشلوا في هذا تماماً. في السجون اكتظاظ كبير، وبموازاة ذلك تطورت مشكلة شديدة في مجال القضاء الدولي إزاء احتجاز معتقلين في ظروف فظيعة في منشأة الاعتقال في “سديه تيمان”.

حذر “الشاباك” عدة مرات من ضرورة إطلاق سراح معتقلين ومن عدم تنفيذ اعتقالات أخرى في الضفة الغربية بسبب الضغوط داخل السجون. وفي عمل وزارته، ركز بن غفير على ما يشغله حقاً: تصريحات عبثية، تقييدات تافهة بشأن ظروف معيشة المعتقلين والسجناء، وتوزيع السلاح على كل من يريد (إذا حكمنا حسب الاستطلاعات، فإن هذه الصيغة تخدمه جيداً. فلماذا يكلف نفسه عناء العمل؟). ما كشف هنا هو عجز مطلق لحكومة فاشلة في وقت تتشاجر فيه المستويات المختلفة علناً فيما بينها.

داني أورباخ ويغيل هنكين

هآرتس 2/12/2024
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron