في عرض الصحف اليوم، نطالع مقالا من صحيفة الغارديان عن "الخيار المستحيل" الذي تواجهه الدول العربية أمام خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن غزة، ومقالا من صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن أهمية اللحظة الراهنة بالنسبة لإسرائيل لطرح حل الدولتين على الطاولة، بالإضافة إلى مقال ثالث من صحيفة "نيويورك تايمز" يستشرف آفاق زيارة محتملة للرئيس الأمريكي ترامب إلى الصين في ظل "الحرب التجارية" بين البلدين.
نبدأ جولتنا من صحيفة الغارديان، حيث كتبت نسرين مالك مقالاً تناقش فيه خيارات الدول العربية في مواجهة خطة ترامب بشأن غزة، وقدرة هذه الدول على المناورة في سبيل تجنب المواجهة المباشرة مع إدارة الرئيس الأمريكي، وفي نفس الوقت، تجنب الانخراط في خطته بشأن قطاع غزة.
تستعرض الكاتبة عدداً من مواقف الدول العربية، وتشير إلى زيارة العاهل الأردني الملك عبد الله إلى واشنطن، وتقول إن الملك عبد الله كان يريد التوفيق بين "البقاء إلى جانب ترامب، وفي الوقت نفسه، عدم الموافقة على خطته للتطهير العرقي في غزة" على حد تعبيرها.
وتذكر مالك الموقف المصري المتمثل في تسريبات تحدثت عن رفض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعوة الزيارة إلى واشنطن ما دام موضوع "تهجير سكان غزة" مطروحاً على جدول الأعمال.
وتشير الكاتبة كذلك إلى رفض السعودية لخطة ترامب، وإلى سعي القادة العرب "جاهدين" إلى تنسيق ردودهم على الخطة في قمة طارئة ستُعقد في السعودية يوم الخميس المقبل.ترى مالك أن هذه المواقف تُظهر مدى الصعوبة التي تواجه ترامب في الحصول على موافقة "حتى أقرب حلفائه"، لكنها ترى في المقابل عدم وجود إجماع عربي حول خطة ترامب بشأن غزة، أو كيفية الرد عليها، فهذه الدول العربية، برأي الكاتبة، تشكل كتلة سياسية، ولكن لها مصالح متباينة، كما أنها "ستواجه صعوبة في الرد على الخطة، دون وقوعها في صدام مع ترامب، أو الجمهور العربي، أو الرأي العام العالمي بشأن عدم شرعية الخطة"، على حد تعبيرها.
تقول الكاتبة إن الحاجة أصبحت ملحة الآن للتوصل إلى استراتيجية مشتركة "نيابة عن الدول العربية"، لكنها تؤكد على صعوبة المهمة، التي تتلخص في "إرضاء ترامب، ورفض خطته بشأن غزة"، وهما، برأيها، أمران لا يمكن التوفيق بينهما.
وتضيف: "من المستحيل على الدول العربية أن تتعامل مع إسرائيل والولايات المتحدة بشأن غزة وفلسطين، بطريقة أو بأخرى، دون التراجع عن شيء كبير".
وفي معرض حديثها عن الخيارات الصعبة التي تواجه الدول العربية في التعامل مع خطة ترامب، خاصة مصر والأردن، تقول مالك إن مصر والأردن سيكونان الأكثر تضرراً من أي حملة إعادة توطين للفلسطينيين، وذلك بسبب قربهما الجغرافي. كما أنهما من "كبار المستفيدين من المساعدات الخارجية الأمريكية"، وتضيف: "فقدان المساعدات الأمريكية لن يضعف اقتصادات الأردن ومصر فحسب، بل سيضعف أيضاً جيوشهما وأجهزتهما الأمنية وقدرتهما على تحقيق الاستقرار السياسي".
ولكن في المقابل، فإن الموافقة على خطة ترامب ستحوّل هذه الدول إلى "أطراف فيما سيكون صراعاً أوسع نطاقاً بين إسرائيل وفلسطين"، على حد تعبير الكاتبة التي تضيف: "بدلاً من أن يكون إخراج الفلسطينيين من غزة نهاية لشيء ما، فإنه سيكون بداية لشيء آخر"، إذ إنه "ليس من الآمن الافتراض أن التهجير الجماعي للفلسطينيين لن يؤدي إلى انفجار شيء".
وتضيف الكاتبة أن القبول بخطة ترامب يعني تحول هذه الدول إلى دول تابعة، وجذب تحديات داخلية جديدة، أمّا تحدّي ترامب، فيستدعي "إعادة تشكيل المشهد السياسي في المنطقة بصورة هائلة لا يمكن تخيلها".
تختم مالك مقالها بالقول إن النخب السياسية العربية تجد نفسها في هذا الوضع بسبب "ضعفها التاريخي فيما يتعلق بفلسطين"، وإن مستقبل عزة "لم يعد قضية يمكن التعامل معها مع حفظ ماء الوجه إلى أجل غير مسمى"، فخطة ترامب هي "بوابة التآكل النهائي لسلامة وسيادة الشرق الأوسط الكبير"، على حد تعبير الكاتبة.