الوثيقة | مشاهدة الموضوع - بعد دعوة “أوجلان” لنزع سلاح “العمال”.. تركيا لن تنسحب قريباً من العراق
تغيير حجم الخط     

بعد دعوة “أوجلان” لنزع سلاح “العمال”.. تركيا لن تنسحب قريباً من العراق

القسم الاخباري

مشاركة » الاثنين مارس 03, 2025 6:07 am

3.jpg
 
بغداد / تميم الحسن

لا يُتوقع بأي حال من الأحوال أن تنسحب تركيا قريبًا من العراق، عقب دعوة عبد الله أوجلان، زعيم “العمال الكردستاني”، إلى نزع سلاح حزبه.
يسيطر الحزب المعارض لأنقرة، المعروف بـ”بي كي كي”، في العراق على قرى قرب دهوك، ومدينة سنجار شمال الموصل.
وتركيا لديها مئات القواعد العسكرية، وآلاف الجنود في العراق منذ نحو 10 سنوات، إضافة إلى أسلحة مدرعة.
الأسبوع الماضي، قال أوجلان، زعيم حزب العمال، في رسالة أعلنها أعضاء في حزب “المساواة والديمقراطية للشعوب” التركي: “أدعو إلى إلقاء السلاح، وأتحمل المسؤولية التاريخية عن هذه الدعوة”.
كما دعا أوجلان حزبه لعقد مؤتمر والموافقة رسميًا على حل نفسه، مع البدء بـ”النضال المدني”.
وفي حال استجابت قيادة الحزب، التي تصنفها أنقرة “منظمة إرهابية”، لنداء مؤسسها، فيما لم يأتِ رد بعد من مقر قيادة الحزب في جبال شمالي العراق.
يقول أحمد الهركي، القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، إن “نشاط حزب العمال في العراق توقف الآن” عقب دعوة أوجلان.
نقلت “العربية” يوم 28 شباط الماضي، عن مصادر أنباء اندلاع اشتباكات عنيفة بين مسلحي الحزب والقوات التركية على سفح جبل متين، ضمن قضاء العمادية شمال محافظة دهوك، وذلك بعد ساعات فقط من رسالة أوجلان.
يؤكد الهركي أن “وقف القتال الآن سيقابله ضمانات وتحركات تركية للتهدئة”.
في الصيف الماضي، كانت تركيا قريبة جدًا، بحسب تصريحات مسؤولين عراقيين، من شن “هجوم واسع” في شمال البلاد ضد حزب العمال، تأجل لأسباب غير معروفة.
وكان وفق الخطة، بحسب ما سربته الصحف التركية، أن تنشئ أنقرة منطقة عازلة داخل الأراضي العراقية بعمق 40 كم لمنع هجمات “بي كي كي”.
التأسيس
يعود تأسيس حزب العمال إلى عام 1978، وخلال أكثر من 40 عامًا في قتاله (قرر خوض القتال في عام 1984) سقط أكثر من 40 ألف شخص، بينهم نساء وأطفال.
لم يكن نظام صدام حسين، الذي كان يخوض حربًا ضد إيران، مرحِّبًا بوجود حزب العمال في المناطق الشمالية من أراضيه، ولهذا السبب قايض تركيا على السماح لها بملاحقة عناصر العمال على مسافة 5 كيلومترات (3.1 ميل) داخل الأراضي العراقية (لم تتأكد هذه الاتفاقية حتى الآن).
تنقل أوجلان، رئيس الحزب، بين العراق وسوريا، قبل أن يتم اختطافه وسجنه في تركيا بتهمة الخيانة، حتى الآن.
ويفيد أحمد الهركي أن إعلان حزب العمال وقف القتال الآن “هو لفك الضغط عن أوجلان أو تحسين ظروف سجنه، أو نقله إلى محبس آخر”.
مطلع تسعينيات القرن الماضي، حدث تغيير كبير في العراق بعد حرب الخليج الثانية – الكويت 1990-1991، وفقدت بغداد السيطرة على شمال البلاد، وتمدد حينها حزب العمال بشكل كبير.
واستمر بالمقابل الجيش التركي، طبقًا لاتفاقه السابق مع صدام، بشن عمليات ضد حزب العمال في كردستان التي كانت حينها تتمتع بحماية دولية.
حتى جاء عام 2003 واجتياح أمريكا للعراق وإسقاط نظام صدام حسين، حيث بدأ أعضاء حزب العمال النزول من الجبال.
هل تتوقف تركيا؟
توسعت هيمنة العمال رغم تعهد كل من الرئيسين الأمريكيين السابقين جورج بوش (2001-2009)، وباراك أوباما (2009-2017)، بملاحقته، بسبب التهديد الذي يمثله للمنطقة.
وبطبيعة الحال، لم تتوقف العمليات العسكرية التركية داخل الأراضي العراقية.
يعتقد الهركي أن “من السابق لأوانه الحديث عن انسحاب تركي من المناطق العراقية وتفكيك القواعد”، مضيفًا أن “قضية حزب العمال لا تتعلق بالعراق فقط، وإنما بسوريا ومناطق أخرى. هي قضية متشعبة”.
ومع ظهور تنظيم “داعش” وسيطرته على مدن واسعة في سوريا والعراق عام 2014، شهد العمال تحوّلًا جديدًا.
شارك حزب العمال بالقتال ضد “داعش”، وبعد ذلك سيطر على بلدة سنجار، شمال الموصل، وعقد تحالفًا نادرًا مع بعض الفصائل، وانخرط جزء من قواته بـ”الحشد الشعبي”.
وفي 2015 كُشف عن إنشاء معسكر تركي في شمال الموصل (معسكر زيلكان).
كان الغرض من المعسكر تدريب قوات محلية، لكن في النهاية تبيّن وجود نحو 100 جندي فيه، إضافة إلى أسلحة مدرعة.
واتفق حيدر العبادي، رئيس الوزراء الأسبق، مع نائب الرئيس الأمريكي آنذاك جو بايدن (الرئيس السابق)، في مكالمة هاتفية، على منع أي تواجد لقوات أجنبية في العراق دون التنسيق مع الحكومة العراقية.
ونشر البيت الأبيض في ذلك الوقت بيانًا دعا فيه بايدن تركيا إلى سحب أي قوات لها من أراضي العراق “ما لم يكن مسموحًا لها بالوجود هناك بإذن من بغداد”.
وتسربت أنباء وقتذاك عن أن أنقرة سحبت قواتها من معسكر زيلكان في بعشيقة شمال الموصل، لكن رئيس الوزراء التركي الأسبق أحمد داود أوغلو، قال حينها إن قوات بلاده أعادت انتشارها في العراق ولم تنسحب بشكل كامل.
يقول جبار الياور، وزير البيشمركة السابق في حكومة كردستان، إن “عدد القواعد العسكرية التركية الموجودة شمالي العراق يبلغ نحو 80 قاعدة، وهي متنوعة بين معسكر كبير وصغير، وموزعة بين أربيل ودهوك ونينوى، على طول الحدود العراقية – التركية”.
وتنتشر هذه المعسكرات، وفق الياور، بعمق 10 كيلومترات، وفي مواقع أخرى بعمق 40 كيلومترًا، على امتداد 200 كيلومتر على طول حدود البلدين.
وبحسب الياور، فإن “عديد القوات التركية في العراق لا يقل عن 5 آلاف جندي”.
رحبت بغداد بـ”رسالة أوجلان”، واعتبرت ما يجري بأنه يساعد على “تعزيز استقرار العراق”.
مسعود بارزاني، زعيم الحزب الديمقراطي، رحب بمساعي حزب العمال أيضًا، وأبدى استعداده للمساعدة.
لكن صفاء الأعسم، وهو ضابط سابق، يشير إلى أن القضية “أكثر تعقيدًا” مما تبدو عليه.
الأعسم يقول، إن “هناك دعمًا داخليًا لحزب العمال، وهو ما قد يعرقل حلول نزع السلاح”.
ويتوقع أن هناك مساعي لتحويل “العمال” إلى حزب سياسي، لكن ذلك يحتاج إلى مفاوضات طويلة لا تقل عن سنة كاملة.
يُذكر أن هناك دعوات سابقة لإلقاء السلاح من قبل حزب العمال، لكن لم يتم ذلك، بحسب دبلوماسيين أتراك.
طريق التنمية
في غضون ذلك، يقول غازي فيصل، وهو دبلوماسي سابق، إن إعلان أوجلان الأخير يساعد على إحلال السلام في قلب الشرق الأوسط “العراق وتركيا وسوريا”.
ويضيف أن: “العمل يحتاج إلى حوارات بين الطرفين (العمال وتركيا) على صعيد المجتمع والبرلمان التركي لتعديل الدستور ومنح حكم ذاتي للأكراد”.
وفي العراق، يتصل الأمر، والكلام لفيصل، بتطور المواقف داخل تركيا وإنضاج حوار بنّاء مع السلطات التركية لوضع ديناميكيات لـ”تفكيك السلاح وضمان حقوق القومية الكردية”.
وتابع: “إذا ما وصلنا إلى هذه المرحلة من الحوار، فإن الحرب في شمال العراق ستتوقف، مما يعني أننا سنذهب إلى تفكيك الهياكل الحزبية والتنظيمية لحزب العمال والتخلي عن السلاح”.
وبذلك، ستعود هذه المناطق الحدودية التي تشتعل فيها الحرب إلى الهدوء، بحسب فيصل، و”ستتحول إلى مناطق للسلام”.
ويقول: “ستنتهي معاناة القرى الكردية في دهوك من القصف والهجمات والاغتيالات”.
ويؤكد فيصل، وهو يدير أيضًا المركز العراقي للدراسات الستراتيجية، أن التهدئة بين تركيا وحزب العمال “فرصة مهمة جدًا لمشروع التنمية الذي يمتد من الفاو إلى الحدود التركية”.
وبيّن أن هذه التطورات “ستعطي ضمانات لإتمام المشروع، الذي يصب في مصلحة العراق الاقتصادية والإستراتيجية، كما يصب في مصلحة تركيا”.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى الاخبار