الوثيقة | مشاهدة الموضوع - القبض على «الإمام» الجاسوس في إيران… و«ليؤرا» تصطاد المسؤولين العرب في أوروبا!
تغيير حجم الخط     

القبض على «الإمام» الجاسوس في إيران… و«ليؤرا» تصطاد المسؤولين العرب في أوروبا!

القسم الاخباري

مشاركة » الثلاثاء يوليو 15, 2025 8:16 pm

3.jpg
 
هو خبر كان صدمة للشارع الإيراني، حيث تم القبض على المولى عبد الرحمن الشهير إمامي الهادي، وذلك بعد أن ثبت تخابره مع إسرائيل، ومن ثم اعترافه أنه عميل للموساد دخل الى إيران.
الرجل دخل بهوية مزيفة منذ سنوات. أحد الأئمة الذي يعرفه جيدا يقول: لم يكن يسمع من هذا الرجل سوى صوت يتردد في جنبات المسجد بتلاوة القرآن، ولم يُر منه سوى لحية وقورة وسبحة، لا تفارق أنامله المتشققة من طول السجود، رجل بدا وكأنه من أهل الزهد، يتنقل بين المصلين وكأنما يبحث عن الأرواح المتعبة ليهديها الى النور، لكن ما خفي خلف العمامة البيضاء والعباءة الوقورة كان أعظم، ذاك الإمام الجليل، الذي عرفه أهل حي زاهناد في طهران، لم يكن سوى ضابط سابق في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، جُند في عملية خاصة، هي الأجرأ في تاريخ الموساد، وكان الهدف زرع عميل داخل النسيج الديني الإيراني ليكون عينا لا يشك فيها ولسانا ينطق بما تمليه المصلحة.
هذا الرجل كان له الأثر الأكبر في مسار حرب الإثني عشر يوما، بين إيران وإسرائيل.

أغلى مشاريع التجنيد

تعود الحكاية الى 15 عاما مضت، عندما قرر سمعون الانسحاب من الموساد – الذراع العسكرية الاستخباراتية لإسرائيل، إثر إصابة تعرض لها في عملية سرية شمال العراق، غير أن حياة الفراغ لم ترق له طويلا حتى جاءه العرض غير التقليدي العودة لا كضابط، بل كإمام، المهمة كانت جنونية، كان أحد أغلى المشاريع في تاريخ التجنيد، فقد تجاوزت تكلفته 12 مليون دولار، شملت تدريبات عقائدية ودورات لغوية ونقل تقنيات رقمية متطورة جدا الى داخل إيران.
البرنامج امتد خمس سنوات، درس خلالها الفقه الشيعي وأتقن الفارسية بلهجتها المحلية، وحفظ القرآن وأتقن أدق الطقوس الدينية الشيعية، بنيت له هوية كاملة، رجل من مدينة قم نشأ في الحوزات وتخرج منها قبل أن ينتقل الى طهران ليخدم الناس في أحد الأحياء الشعبية، دخل إيران عبر دولة ثالثة وبجواز سفر مزور، سكن حيا لا يسأل الناس فيه كثيرا، عن الماضي إذا ما رأوك بلحية وعمامة وعبارات دعاء دائم على لسانك. فصار إماما في مسجد صغير، وهناك بدأ اللعبة الكبرى، حتى صار بعض الحرس الثوري يرتادون المسجد ويحاورونه، بنى شبكة من المتعاونين، دون علمهم، شباب من الحي كانوا ينقلون له تفاصيل عن تحركات أمنية أو زيارات لشخصيات رسمية، دون أن يدركوا أن كل ما يقولونه يرفع على هيئة خطب دينية، مشفرة بصيغة معينة ترسل عبر موقعه الالكتروني لفك رموزها لدى الموساد.
تحول الرجل الى نجم تتوالى عليه الدعوات للتدريس في إحدى الحوزات الكبرى، وصار شخصية عابرة للسياسة والاقتصاد والاجتماع، وكذلك الدين. مرت سيول من المعلومات عبره للخارج، وحقق أكثر بكثير مما صُنع من أجله. لكنه في المحصلة سجن في عملية دقيقة ليتعرض داخل للقتل داخل السجن، لكنه نجا بأعجوبة.
الكارثة لم تكن في سقوطه فقط، بل في الشبكة التجسسية الرهيبة التي نسجها، ولم تكشف بعد بالكامل، والتي ساهمت كما يقول كثيرون في ترجيح كفة الحرب الإسرائيلية على إيران.
كم من هؤلاء موجودون بين ظهرانينا، وفي كل الطوائف والملل، وقد يكون هؤلاء أو ما يشبههم سببا في مصائب الكثير من دولنا. فالحذر منهم ويجب مراجعة من يختبئون كثيرا بزي الدين.

«صخلة» لعبت بعقل تيس

«المسؤولون العرب لا يقاومون جسد المرأة، وفي لحظات ضعفهم كانوا يكشفون كل شيء على السرير»!
هذا ما قالته الجاسوسة ليئورا، أو هذا على الأقل هو الاسم، الذي يعرف به من قابلها. لا تعمل رسميا مع الحكومة الإسرائيلية، وليست موظفة في وزارة، لكن عملها، كما قيل لها في أول جلسة تدريب، «أنت لا تحتاجين بندقية جسدك أكثر دقة».
في لندن تظهر كمسؤولة تنظيم بروتوكولات رسمية، تستقبل شخصيات من كل أنحاء العالم، أمراء مستشارين، رؤساء شركات، دبلوماسيين ومندوبين، عملها بسيط جدا على الورق، تنسيق الجلوس اختيار الفنادق الاشراف على قوائم الدعوة.
لكن الحقيقة أن كل هذه التفاصيل كانت مجرد غطاء لعملها الحقيقي. مهمتها الحقيقية تبدأ في الأماكن التي لا ترصدها الكاميرات حين يرسل لها ملف شخص ما، لا يطلب منها أن تجمع معلومات عنه، هم يرسلون لها كل شيء، بلده ماضيه نفاط ضعفه هواياته اهتماماته، وأحيانا حتى ما يشاهده في الليل على يوتيوب.
تقول «دوري ليس أن استجوبه، بل أن أجعله يتكلم دون أن يشعر أن هناك من يسمع».
تضيف «عندما يكون الهدف عربيا فأنا ألعب دور الفتاة المفتونة بالثقافة العربية، أقول له إني أعشق الموسيقى الكلاسيكية. أذكر له أسماء شعراء من بلده، وأصدمه بما أعرفه يبدأ بالتباهي بثقافته وتبدأ العلاقة، غالبا ما يكون اللقاء الأول في فندق خمس نجوم قاعة صغيرة في الطابق الأرضي، كأنها مصادفة عابرة، لكن لا شيء في عملي كان صدفة».
تتحدث عن واحدة من أقوى العمليات التي نقذتها، كانت مع شخص اسمه (…) كان مسؤولا أمنيا رفيع المستوى سابقا في إحدى الدول الخليجية، شخص يظن أن لا أحد يمكن أن يخترقه لأنه متقاعد.
«قبل وصوله الى لندن أعطوني ملفا دقيقا عن اهتماماته، يحب الخيول متابع للفنون الإسلامية مولع بالأدب الاندلسي وبالشاي المغربي. درست ملفه كما يدرس القناص الهدف. حضّرت حديثا لا يمكن أن يرفضه، ثقافي ناعم بعيد تماما عن أي شبهة أمنية».
طبعا، هي تعترف – وهذا نادرا ما يحدث بعد سنوات طويلة – كيف سحبته وغاصت في تفاصيل يصعب حصرها هنا، وأغوته وعاشرته، فقط أرادته أن يشعر أنها المرأة التي فهمته من أول نظرة. «في الصباح قال لي. ليؤرا، لم أعتقد أنني سأقول هذا لكن هذه كانت أجمل ليلة في حياتي».
تقول الفتاة «بدأ الرجل يتحدث عن فوضى السياسة، وما بعد الربيع العربي. عن كيف أصبح الكثير من رجال الدولة مجرد واجهات وعن الضغوط التي تمارسها دول كبرى، لتوجيه القرارات، لم أكن أسأله فقط أصغي. وألمس يده أحيانا. أضحك بلطف أغير الموضوع فجأة ثم أعود أليه من زاوية أخرى، هكذا نخرج المعلومة لا بطلب مباشر. بل بجعل الهدف يشعر بأن الكلام غير مهم. حتى يقول كل شيء.
في الليلة الثانية كان يفتح لي أوراقا كانت مستحيلة، حكى لي وبكامل وعيه، عن اجتماعات كان يحضرها كمستشار في فترة ما بعد وظيفته ثم بدأ يتحدث عن مؤسسة اغاثية كبرى في بلده ترسل المساعدات لدعم غزة، وكيف تم تجميد أنشطتها فجأة بأمر من جهة أعلى دون تفسير، قلت له، ولماذا قال: لأن بعض الدول لا تريد فتح هذا الملف مجددا، ولا تريد المشاكل مع بعض العواصم.
وإذا كانت هذه الفتاة استحصلت كما هائلا من المعلومات، يصعب حصرها هنا، فان آخرين استطاعوا سابقا الدخول الى غرفة مسؤول سوري كبير في فندقه، بعد خروجه للتبضع، وسحب كل معلومات «الأي باد» الخاص به، ليتم بعدها قصف نواة المفاعل النووي السوري، ثم قتل الرجل في فيلته على الشاطئ السوري.
قصص تجسس كثيرة وناجحة ولا حصر لها، تكشف أنها أقوى من أسلحة الحروب، تبني الصفقات ومخزون المعلومات، وهي أرخص كثيرا من صفقات الأسلحة، التي تتكلف مئات المليارات من الدولارات. وكما يقول المثل الإنكليزي «المعرفة قوة.. المعرفة مال».

٭ كاتب من أسرة «القدس العربي»
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى الاخبار