بغداد/المسلة: تفيدُ قراءاتُ المشهد الانتخابي في العراق بأن الخريطة السنية تتجه نحو إعادة تشكّل قد تُعيد توزيع موازين القوة داخل البرلمان المقبل، رغم توقعات سابقة كانت تشير إلى أن مقاطعة التيار الصدري قد تمنح المكوّن السني فرصة لزيادة حصته.
ويبدو أن انخفاض المقاعد السنية من نحو ثمانين إلى ما يقارب ثلاثة وسبعين يعكس ـ وفق تحليل خبراء محايدين ـ استمرار حالة التشظي بين القوى التقليدية، بما جعل تأثيرها أقل مما كان متوقعًا.
ومن وجهة نظر محايدة، فإن القوى البارزة كـ”التقدم” و”العزم” و”السيادة” دخلت الانتخابات وهي مثقلة بصراعات الزعامة والانقسامات الداخلية، مما جعل تماسكها التفاوضي أقل قوة مقارنة بالدورات السابقة، خصوصًا مع تراجع حضور بعض الشخصيات التي كانت تعتبر ذات وزن انتخابي ثابت.
وتتحدث مصادر متابعة للملف السياسي السني عن أن المزاج الانتخابي بدا ميّالًا للبحث عن بدائل، وهو ما انعكس في سقوط رموز سياسية اعتادت الفوز بسهولة، مقابل صعود أجنحة أصغر تمتلك خطابًا أكثر حيوية، وإن كان تأثيرها البرلماني محدودًا.
ولا يمكن نسيان أن التنافس بين المحافظات المحورية كنينوى وبغداد والأنبار لعب دورًا حاسمًا في رسم مخرجات التصويت، حيث تباينت النتائج تبعًا لعوامل محلية تتراوح بين تأثير العشائر وانقسامات المرشحين وطبيعة الحملات الميدانية.
وتقول التقديرات إن استمرار هذا التشتت سيجعل الكتل السنية أمام تحديات صعبة في أي مفاوضات حكومية مقبلة، خصوصًا مع صعود كتل جديدة في المكوّنات الأخرى تسعى لملء الفراغ وترتيب توازنات مختلفة.
ومن الضروري الإشارة إلى أن جزءًا من الناخبين السُنّة بدا أكثر ميلاً لمنح صوته لوجوه جديدة بعد شعوره بأن التجارب السابقة لم تحقق حضورًا ثابتًا في ملفات الإعمار والموازنة وتمثيل المحافظات.
وتشير المراصد الانتخابية إلى أن النتائج الحالية لا تعني نهاية المشهد، بل بداية مرحلة قد تشهد تحالفات مختلفة جذريًا عمّا قبل، فيما تؤكد الأحداث أن الكتلة السنية بحاجة إلى مراجعة خطابها وبرامجها قبل الدخول في مرحلة التفاوض الحكومي.
وعلى صعيد آخر، تبرز دعوات داخلية لإعادة ترتيب البيت السني على قاعدة الشراكة بدل التنافس الحاد، فيما تُظهر زاوية أخرى من التحليل أن الانقسامات قد تستمر ما لم تتبلور قيادة جامعة قادرة على إدارة التباينات.