الوثيقة | مشاهدة الموضوع - اشتباك نفوذ في بغداد.. من يرسم ملامح الحكومة العراقية المقبلة؟
تغيير حجم الخط     

اشتباك نفوذ في بغداد.. من يرسم ملامح الحكومة العراقية المقبلة؟

مشاركة » الثلاثاء نوفمبر 25, 2025 8:54 pm

يشهد ملف تشكيل الحكومة العراقية تصاعداً في حدة التجاذبات الإقليمية والدولية، بعدما أطلق مبعوث الرئيس الأميركي الخاص إلى العراق، مارك سافايا، تصريحات واضحة تؤكد رفض إدارة ترمب لأي تدخل خارجي في مسار اختيار الحكومة الجديدة.

هذه الرسائل، التي جاءت قبل أيام من زيارة يخطط لها سافايا إلى بغداد، مثلت فصلاً جديداً من صراع النفوذ بين واشنطن وطهران، ودفعاً باتجاه إعادة رسم قواعد اللعبة داخل الساحة العراقية.

وبينما ترى الولايات المتحدة أن ضمان استقلالية القرار العراقي شرط لضمان استمرار التقدم الذي تحقق خلال السنوات الأخيرة، تتابع إيران هذه التطورات بحساسية لافتة، وسط محاولات من مختلف الأطراف لإعادة تعريف حدود التأثير الخارجي في المشهد السياسي العراقي.

وكان مبعوث الرئيس الأميركي إلى العراق، مارك سافايا، قد أكد أول أمس الجمعة، أن الولايات المتحدة “لن تسمح بأي تدخل خارجي في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة”، مشيراً إلى أن واشنطن تتابع “عن كثب” عملية تشكيل الحكومة، في رسالة فسرها مراقبون بأنها موجهة مباشرة لإيران.

الموقف الإيراني

وفي هذا السياق، يقول الكاتب والمحلل السياسي الإيراني علي أكبر برزنوني إن طهران لا ترى في تصريحات سافايا تحولاً مفاجئاً، معتبراً أن “إيران تؤكد منذ سنوات أنها لا تتدخل في الشؤون الداخلية للعراق وأن سياستها تقوم على احترام إرادة الشعب العراقي ونتائج الانتخابات”.

ويضيف برزنوني أن الرد الإيراني على موقف إدارة ترمب “يعد رسالة طبيعية ومتوقعة”، لكنه لا يغير من “المبدأ الأساسي” لطهران، وهو عدم التدخل المباشر أو غير المباشر في اختيار رئيس الحكومة أو الضغط على القوى السياسية.

ويبيّن أن طهران تسعى إلى “علاقات طبيعية ومتوازنة” مع بغداد ترتكز على التعاون الاقتصادي والثقافي والطاقة والبنى التحتية، مؤكداً أن استقرار العراق “مصلحة مشتركة للمنطقة بأكملها”.

كما يشدد برزنوني على أن إيران ستواصل التشاور مع القوى العراقية دون محاولة فرض مرشحين، معتبراً أن أي تدخل خارجي -سواء كان أميركياً أم غيره- يمثل “تقويضاً لاستقلال العراق” ولا يخدم الاستقرار الإقليمي.

تشكيك في النوايا

ومن طهران أيضاً، يعرب الخبير في الشؤون الإيرانية مهدي عزيزي عن اعتقاده بأن واشنطن “لن تتخلى عن التدخل في الشأن العراقي”، خصوصاً في مرحلة تشكيل الحكومة.

ويقول عزيزي إن قوى إقليمية ودولية حاولت التأثير حتى في العملية الانتخابية، وخاصة داخل التيارات السنية، عبر “دعم مالي وسياسي” يهدف للتأثير في نتائج الاقتراع.

ويرى أن مكانة العراق الإقليمية والدولية تجعل من المستبعد أن تتوقف الولايات المتحدة عن محاولة التأثير في توازنات الحكم، معتبراً أن واشنطن ترى في العراق “عنصراً محورياً” في تشكيل الرأي العام داخل المنطقة.

“المتنفس الأخير”

لكن الباحث السياسي رمضان البدران يقول من واشنطن، إن طهران تمر بـ”حالة عزلة ووهن” بعد خسارة أوراق تأثير مهمة، سواء في الملف النووي أو الفصائل المرتبطة بها.

ويضيف البدران أن إيران تعتبر العراق “المتنفس الأخير” القادر على تخفيف الضغوط عنها، بينما تعمل واشنطن على “سحب هذا الرصيد” من يدها عبر الضغط السياسي والدبلوماسي.

ويشير إلى أن طهران تواجه خلال السنوات الأربع المقبلة مفترق طرق حساس، إذ أن الحكومة العراقية المقبلة “قد تكون داعمة لها أو تُفقدها آخر أوراقها الدبلوماسية والفصائلية”.

وفي المقابل، يرى أن إدارة ترمب بدورها “في حالة حرج”، وتحاول عبر مبعوثها مارك سافايا إظهار أنها تقدّم للعراقيين خيار الاستقرار “لكن بشرط الابتعاد عن النفوذ الإيراني”.

ومن واشنطن أيضاً، يقول المحلل السياسي نبيل ميخائيل، إن الولايات المتحدة “تسعى لإبعاد النفوذ الإيراني” عن عملية تشكيل الحكومة، في وقت تعمل طهران على “تقوية العناصر القريبة منها داخل المنظومة السياسية العراقية”.

غير أن ميخائيل يؤكد أن الحكومة العراقية المقبلة ستتشكل “وفق نتائج الانتخابات وليس بناءً على النفوذ الخارجي”، معتبراً تصريحات سافايا الأخيرة “وسيلة ضغط على إيران أكثر منها تعبيراً عن تغير جذري في آلية دعم واشنطن للعراق”.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات