عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
يبدو أن تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، قد قرّر أن يطل برأسه على أراضي مُعلّم زميله الذي وصفه بـ”أبو رغال” أحمد الشرع، أي على الأراضي التركية، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
فسبق أن قُتل ثلاثة أمريكيين في تدمر السورية، (جنديان ومترجم مدني)، وأصيب ثلاثة آخرون، كما سقط جرحى من جانب القوات السورية الانتقالية، حيث نفّذ الهجوم “مُسلّح” تبيّن أنه كان عُنصرًا في جهاز الأمن العام السوري الاننقالي.
ad
وذكرت وزارة الداخلية السورية الانتقالية أن المنفذ كان يحمل فكر تنظيم “داعش” وتسلّل لموقع الاجتماع، وقد قُتل لاحقاً برصاص القوات المشتركة، بينما أشاد تنظيم “داعش” بالهجوم واعتبره “ضربة في قلب” القوات المعادية له، رغم عدم تبنيه المباشر والواضح للعملية في البداية.
لافت أنه في حين تمد تركيا يد المُساعدة لحليفها الجديد الشرع، لمُحاربة رفاق دربه السابقين في القاعدة، ليظهر أن التنظيم مُتواجد أساسًا على الأراضي التركية، ويُهدّد أمنها، واستقرارها، حيث نفّذت الشرطة التركية عملية على منزل يضم مسلحين بالقرب من بلدة يالوفا، على ساحل بحر مرمرة، جنوبي إسطنبول.
وفيما يُفترض أن الشرطة التركية، هاجمت الموقع، أطلق المسلحون النار باتجاه الشرطة، الأمر الذي فاقم الواقعة، واضطرّت على إثره قوّات خاصّة من الشرطة لتقديم الدعم، وهذه الرواية ذكرتها قناة “تي. آر. تي خبر” الرسمية.
ad
تحوّل الهُجوم وفق المقاطع المُتداولة، إلى حرب شوارع، واشتباكات، دفع بالسلطات إلى إغلاق المدارس المُحيطة، وقطع الكهرباء.
يُعيد هذا الهُجوم بطبيعة الحال، أذهان الأتراك، إلى الهُجوم المُسلّح على ملهى ليلي في إسطنبول خلال احتفالات رأس السنة العام 2017، وعلى مطار المدينة الرئيسي مما أدى إلى مقتل العشرات.
ويبدو أن الواقعة كان لها وقعها الدموي، فقال وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا إن ثلاثة من رجال الشرطة لقوا حتفهم في اشتباك مع عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية ”داعش” في شمال غرب البلاد اليوم الاثنين، مُضيفًا أن ستة من عناصر التنظيم قُتلوا في العملية في أكثر العمليات دموية لتعقب التنظيم المتطرف.
وخلق الهُجوم حالة بلبلة، وشائعات في تركيا، ومخاوف، دفعت بدائرة الاتصال بالرئاسة التركية، الاثنين، إلى الدعوة لعدم الاكتراث بما يُنشر على منصات التواصل الاجتماعي بشأن العملية الأمنية المتواصلة ضد تنظيم “داعش”.
ومن غير المعلوم، ما إذا كانت السلطات التركية تُحكم السيطرة على المُواجهة مع “داعش”، ففي الأسبوع الماضي، اعتقلت الشرطة التركية 115 شخصًا يُشتبه بانتمائهم لتنظيم الدولة الإسلامية وذلك أنهم كانوا يخططون لتنفيذ هجمات خلال احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة في البلاد.
بالإضافة إلى طمأنة لافتة، قد تُثير تساؤلات حول جديّة المخاوف الشعبية، حيث صدرت الطمأنة عن مركز مكافحة التضليل التابع لدائرة الرئاسة، قال فيها إن المؤسسات المعنية في تركيا تعمل بتنسيقٍ كامل وبحزم من أجل ضمان أمن وطمأنينة المواطنين، متابعًا “نهيب بالجميع الاعتماد فقط على التصريحات والبيانات الصادرة عن الجهات الرسمية، وعدم الاكتراث بالمنشورات التي تتضمّن معلومات مضللة تستهدف تقويض النظام العام”.
وبينما تم استدعاء قوات خاصّة مع عجز الشرطة عن المُواجهة، برّر وزير الداخلية التركي بأن العملية نُفّذت “بحرصٍ شديد” لوجود نساء وأطفال داخل المنزل الذي كان يختبئ فيه المسلحون، مؤكدًا أنه تم إجلاء النساء الخمس والأطفال الستة من المنزل بسلام.
حرص الوزير أيضًا على توضيح أن جميع المسلحين “كانوا أتراكًا”، وهُنا يقطع الوزير فيما يبدو الطريق على وجود تسلّل خارجي للتنظيم على الأراضي التركية، لكنه يطرح تساؤلات حول الأسباب التي تدفع الأتراك للانضمام إلى تنظيم الدولة، منها اقتصادي مع التضخّم الحاصل في تركيا، وقلّة الرواتب، وضعف العملة المحلية، ومنها سياسي فأردوغان بنظر التنظيم أيضًا يُحابي الغرب، ومُرتد.
وكان أصدر تنظيم الدولة الإسلامية فتوى في الثامن من سبتمبر/أيلول العام 2015، جاء فيها “أردوغان المُرتد يستحق الموت لدعمه التحالف الدولي بزعامة الولايات المتحدة، وقيام الطائرات التابعة له بضرب مواقعنا”.
ولا بد من الإشارة إلى أن الرئيس أردوغان، كان يُردّد أن داعش مدعوم من قبل نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد بهدف كسر مطالب الحرية والديمقراطية والكرامة التي ينادي بها الشعب السوري، لكن نظام الأخير سقط مُنذ عام، وها هو التنظيم يعود للنشاط، وتحريك خلاياه النائمة على أراضيه.
فيما كانت كشفت صحيفة “إندبندنت” البريطانية خلال شهر فبراير فبراير 2018 عن تجنيد تركيا لمقاتلين من تنظيم داعش للمُشاركة في الهجوم على منطقة عفرين الكردية شمالي سوريا، ونقلت الصحيفة البريطانية عن مقاتل سابق في داعش أن القوات التركية جنّدت مقاتلين بالتنظيم من أجل الهجوم على أهداف كردية في عفرين.
ودرّبت تركيا بحسب الصحيفة، هؤلاء المسلحين من أجل تغيير تكتيكاتهم العسكرية، بحيث يعتمدون أساليب جديدة مختلفة عن السيارات المفخخة والهجمات الانتحارية، حتى لا تظهر العملية التعاون التركي الداعشي وتُثير انتقادات دولية.
وأعرب مسؤولون أتراك، الاثنين، عن تعازيهم في استشهاد 3 من أفراد الأمن خلال عملية ضد تنظيم “داعش”، في ولاية يالوا، شمال غربي البلاد.
كما علّق أردوغان على الحادث قائلًا: “سنُواصل كفاحنا دون هوادة وعلى مختلف الأصعدة ضد الجناة سفّاحي الدماء الذين يستهدفون أمن دولتنا وطمأنينة شعبنا”، وترحّم على عناصر الأمن.